الدم العربي المهدور .. ! (1-3)
أ.د.فيصل الرفوع
28-02-2011 07:26 PM
« واتل عليهم نبأ إبني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين (27) لأن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يداي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين (28) فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين (30)»، صدق الله العظيم.
فحينما قتل « قابيل بن آدم» أخيه « هابيل»، وأراق دم أخيه بسبب لم يكن بتلك العظمة ولا يستحق هذا الجزاء القاسي وأن يراق الدم لأجله، وفي اول حادثة قتل في التاريخ البشري، لم يكن «قابيل» يعلم بأن يكون لهذه السنة مريدوها عبر الأزمان والعصور إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. وإذا كان القتل وسفك الدماء إقترن عبر التاريخ، وفي أحيان كثيرة بالظلم والظلمات، إلا أنه يمثل في حالات معينة ومحددة، بينها الله عز وجل، إنتصاراً للعدل والعدالة.
لقد شاءت إرادة الله أن تقع الوقيعة بين الآخ وأخيه « هابيل وقابيل»، إلا أنه جل جلالة أراد أن يضرب للبشر المثل الفصل في مدى رفضه تعالى للقتل وإزهاق الروح التي خلقها سبحانه فأحسن صنعها. وأن تستخلص، نحن بني البشر، العبر من هكذا أعمال مشينة تمس الحياة البشرية. ومن هنا جاء تأكيد الباريء عز وجل في كل الكتب السماوية المنزلة على وجوب الإبتعاد عن القتل والخراب وسفك الدماء، فقد بان ذلك جلياً في القرآن الكريم ، حيث قال تعالى في الأية 32 من سورة المائدة « من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفس او فساد في الأرض فكأنما قتا الناس جميعاً» صدق الله العظيم.
وبالرغم من عدالة السماء وحضها بني البشر على الإمتناع عن القتل، وذلك عن طريق أكثر من ثلاثمائة وبضعة عشر رسولاً، ذكر منهم في القرآن الكريم خمسة وعشرين نبياً، من بينهم اولي العزم الخمسه من الأنبياء – الرسل، عليهم جميعاً الصلاة والسلام. إلا أن النفس البشرية بقيت على ضلالتها و سعيها لسفك الدماء وتوقها لقتل النفس البشرية التي حرم الله إلا بالحق.
فقبل الإسلام ونعمته، كانت ثقافة الغزو والسلب والنهب والسبي والإستعباد وهدر الدماء تمثل جزءاً من الحياة السائدة للعرب آنذاك . فقد تقاتلت قبيلتي «عبس وذبيان» أربعين عاماً بسبب سباق بين « داحس» حصان قيس بن زهير و « الغبراء» فرس حذيفة بن بدر، والتي عرفت بحرب « داحس والغبراء». وأزهقت في هذه الحرب العبثية والظالمة مئات الأرواح، في اللحظة التي كانت فيها العرب، عاربها ومستعربها، ساحة مستباحة للإمبراطورتين الفارسية والرومانية، وهو عين ما يحصل اليوم في حاضر العرب. فالدماء العربية تهدر صباح مساء في سبيل اللاشيء، في نفس الوقت الذي يقف فيه العالم متفرجاً، بدءا من تشاد وزيمباوي وإنتهاءً بالولايات المتحدة و سائر القوى الدولية-غربها وشرقها-، ولا يحرك ساكناً للمساهمة في وقف الدم العربي وحقنه، لكنه في أحسن أحواله يسعى وبخبث إلى المساهمة في تنظيم إستمراره إهداره !!!!.
alrfouh@hotmail.com
الرأي