المقاطعة وفرص النمو الاقتصادي في العالم العربي
د. أحلام ناصر
28-11-2023 02:14 PM
في ظلِ المقاطعةِ الشعبية لمنتجات الشركات الداعمة للمحتل الغاشم على العزل في فلسطين، تتيح هذه المقاطعة المتزايدة مجالاً واسعا ًوهاماً لنمو الصناعات المحلية والعربية، وكذلك فرصًا لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين الدول العربية والاسلامية عامةً .يعتبر الاهتمام بتعزيز هذه المقاطعة ليس فقط مسألة أخلاقية وسياسية لدعم صمود الشعب الفلسطيني على ارضه والحفاظ على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس وغيرها من المدن الفلسطينية، ولكن أيضًا فرصةً لتطوير سياساتِ تعاونٍ واستقلالٍ اقتصادي في المنطقة.
كما انه في ظل هذه المقاطعة الشعبية الواسعة للشركات المؤيدة للكيان المحتل الصهيوني، تتحد الفرص والتحديات لتشكيل مستقبل اقتصاديٍ واعدٍ في العالم العربي. يتعين على الحكوماتِ والقطاعِ الخاص أن يكونوا مستعدين لإستغلال مثل هذه الفرص الاقتصادية لتعزيز استقلالية الاقتصاد والقرار السيادي الوطني.
تحتاج الحكومات إلى وضع إطار قانوني وسياسي داعم يعزز المقاطعة بشكل فعال ومستدام، ويعمل على تذليل التحديات والضغوط التي قد يتعرض لها العالم العربي في مجال التجارة الدولية نتيجة للمقاطعة، مما يتطلب من الحكومات العمل على تعزيز الشراكات الإقليمية والبحث عن أسواق جديدة. كما ان التحول إلى استقلال اقتصادي يحتاج إلى وقت وجهد، وقد تواجه بعض القطاعات الاقتصادية تحديات في تكييفها مع هذا التغيير. اضافة الى احتمالية تأثر بعض العاملين في القطاعات المستهدفة بالمقاطعة بشكل سلبي، ولذلك يجب أن تتبنى الحكومات سياسات واضحة لحماية حقوق العمال المتأثرين خلال هذه الحقبة من الزمن.
كما على الدول العربية حكومة وشعبا ومجتمعا محليا تعزيز الجوانب التي يمكن أن تدعم هذا النمو وهي:
- تعزيز الوعي الاستهلاكي لدى المواطنين ، فعلى جمعيات حماية المستهلك خاصة ومنظمات المجتمع المدني العمل سوية على تنفيذ حملات توعوية من خلال وسائل التواصل التقليدية وقنوات التواصل الاجتماعي لتعزيز الوعي حول البدائل من المنتجات المحلية والعربية. ان تشجيع المستهلكين على دعم المنتجات التي تسهم في دعم الاقتصاد المحلي والعربي يلعب دورًا حاسماً في التنمية، وايجاد سلع بديلة للمنتجات التي يتم مقاطعتها حاليا يساعد في استدامة المقاطعة الشعبية.
- تطوير الصناعات الوطنية: يمكن استثمار توجه المستهلك العربي نحو الطلب على المنتجات المحلية في تعزيز القطاعات الصناعية الوطنية. كما ان دعم الشركات المحلية وتشجيعها على تحسين جودة وتنوع المنتجات يمكن أن يدفع بالتنمية الاقتصادية.
- تعزيز التعاون الإقليمي والاسلامي: التعاون بين الدول العربية والاسلامية في مجال الصناعة يؤدي إلى نمو متكامل. كما ان تبادل التكنولوجيا والخبرات يعزز من قدرة الصناعات العربية على المنافسة في الأسواق الإقليمية والعالمية.
- تحفيز ريادة الأعمال: دعم روح ريادة الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر يمكن أن يكون محركًا للابتكار والتنوع في الاقتصاد. ان تقديم حوافز مادية وضريبية ودعم فني لتشجيع فتح مشاريع جديدة تساهم في ايجاد وظائف اضافية وتحسين مستوى المعيشة وجودة الحياة.
- تشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية: إنشاء بيئة استثمارية جاذبة للمستثمرين المحليين والأجانب وتسهيل إجراءات الأعمال يعزز تطوير الصناعات المحلية وتوفير مزيد من الفرص الاستثمارية والتي تنعكس إيجابياً على جذب الاستثمار واستقراره.
- تعزيز الاستدامة:ان نشر الوعي باهمية تبني مباديء الاستدامة يعزز دور الاعمال في التاثر الإيجابي على البيئة والمجتمع ويلبي توجهات المستهلكين نحو المنتجات الصديقة للبيئة.
في الختام.. تعتبر المقاطعة للشركات المؤيدة للكيان الصهيوني فرصةً للعالم العربي لإعادة تشكيل اقتصاده بشكلٍ أخلاقيٍ ومستدام، يحتاج هذا التحول إلى رؤيةٍ طويلة الأمد وجهدٍ مشترك من الحكومات والمجتمع والشركات لضمان تحقيق الفوائد القصوى للمجتمع وتعزيز الاستقلال الاقتصادي.