ذكرى استشهاد وصفي التل والعدوان على غزة
المحامية ريم ابو حسان
28-11-2023 02:12 PM
لن نجد توقيتاً أفضل من ذكرى استشهاد الزعيم الوطني وصفي التل لبحث العلاقة الأردنية الفلسطينية تاريخياً، والتي أضحت اليوم ثابتاً من ثوابت الأردن وقضيته الأولى؛ رغم مرور السنين وما شاب بعض الأزمنة من تفاصيل هنا وهناك؛ لم تؤثر يوما ًعلى العنوان الرئيسي للدولة الأردنية وقيادته الهاشمية.
أعتبر وصفي التل القضية الفلسطينية هي القضية المحورية للأردن اقليمياً ودولياً؛ بصفتها البطين الأيمن من القلب بينما الأردن هو البطين الأيسر ليشكّلان قلباً واحداً ينبض بالوطنية والقومية، ومصير مشترك، وهمٌ واحد، ليضع الشهيد التل القضية الفلسطينية نصب عينيه منذ أن جاهد في حرب عام 1948 حينما كان مقاتلاً في صفوف الانقاذ الفلسطيني بقيادة الزعيم فوزي القاوقجي، لينتقل بعدها ضابطاً في جيوش الجيش السوري ويحصل على رتبة مقدم كضابط مقاتل.
تحدث التل عن القضية الفلسطينية بوضوح في أكثر من خطاب رافضاً والمزاودات فيها، باحثاً عن خطة تحرير حقيقية قائمة على دعم المقاومة الفلسطينية؛ ومنها مقولته ( أن قضية فلسطين أصبحت مثل قميص عثمان، يلوح به كل راغبٍ بالكرسي، وعندما تعود السيطرة للعقل والخُلق سيكتشف ظلمه أو كذبه بقضية فلسطين).
اليوم ونحن ننظر إلى أحداث غزة وما رافقها من إجرام صهيوني؛ نعود للتاريخ إلى أفكار وصفي التل من القضية حيث كان يؤمن بأن أفضل وسيلة مقارعة للعدو الإسرائيلي هي المقاومة الشعبية، بسبب ما حصلت عليه إسرائيل من أسلحة متطورة من الدول الغربية؛ فاقت في حجمها وتأثيرها حجم الدول العربية مجتمعة، وهذا ما أثبتته المقاومة اليوم في غزة، من إنتصار وصمود يقومان على الخطط العسكرية المنظمة والبسالة في القتال المباشر وغير المباشر، لتثبت أفكار وصفي أن المقاومة الفلسطينية يجب أن تنبع من الداخل، وبدعمٍ عربي، وليس من خارج فلسطين؛ أو انتظار ( الغضب الساطع).
ظُلم وصفي قبل اثنين وخمسين عاماً نتيجة هذه الأفكار والتي أثبتت اليوم صحتها وقتها؛ لنبحث عن كيف يمكن خدمة أهلنا في غزة وفي فلسطين عموماً من أفكاره الخاصة بالقضية، وفي دعم المقاومة في الأراضي الفلسطينية، والبحث في آليات الدعم الأردني والعربي المتاح بعيدأ عن الخطابات والمزاودات، خاصة وأن الموقف الأردني الرسمي بقيادة جلالة الملك اليوم يسجل حالة متقدمة سياسياً ودبلوماسياً يمكن الاستثمار به في فتح حوار شعبي حول شكل العلاقة مع القوى الفلسطينية من جهة؛ وشكل العلاقة مع الكيان الصهيوني من جهة أخرى.
ختاماً.. قالها وصفي التل (عندما تكون القضية قضية وطن فيجب أن تسقط جميع القضايا والأهداف والمصالح الشخصية تحت أقدام رجال الوطن)، وهذا ما نُجمع عليه أن قضية فلسطين كانت وستبقى قضية وطن لكافة أطيافه الرسمية والشعبية.