ليس بالأمر الأساسي السماح للتظاهرات السلمية بأن تجوب ميادين وشوارع العاصمة والمدن الأخرى على أهمية ذلك ,لكن الأمر الأساس هو الإستجابة السريعة لمطالب المتظاهرين الذين يمثلون مختلف الأحزاب والإتجاهات السياسية من اليمين إلى اليسار ومن قوميين وإسلاميين ووطنيين ومستقلين..

الملاحظ أن الحكومة مكتفية حتى الآن بالإعلان عن احترامها لمطالب الأحزاب والقوى السياسية التي يعبرون عنها في تظاهراتهم على مدار الساعات والأيام دون ان نلاحظ أو نلمس ترجمة عملية لأي من هذه المطالب التي تقر الحكومة بأنها مشروعة وعادلة وضرورية..

لسنا مغرمين في تغيير الحكومات بسبب أو بدون سبب , ولكن بعد أن طاف الكيل من الصبر والسكوت عن استشراء الفساد وتغول المفسدين وعن عدم تراجع عن بيع المؤسسات الوطنية والأراضي ..وكذلك السكوت عن تعطيل أو تأجيل خطوات الإصلاح السياسي أولا وقبل كل شيء..

فلماذا هذا الإنتظار أو التردد أو التلكؤ في الإعلان عن قانون جديد وعصري للإنتخابات وهدر الوقت والجهد في تشكيل لجان تجتر ما قالته لجان قبلها ..وكذلك الإعلان عن قانون جديد وعصري للأحزاب الذين يتظاهرون في العاصمة وفي المدن الأخرى ليسوا مفتونين أو مغرمين بالتظاهر ,ولكنهم يضطرون إلى ذلك بسبب عدم الإستجابة العملية الملموسة على أرض الواقع لمطالبهم وتطلعاتهم المشروعة ..

وأنهم مصرون على مواصلة التظاهر طالما أن الحكومة لا تلبي عمليا مطالبهم ..المتظاهرون ليسوا مع أو ضد هذه الحكومة أو تلك إلا بقدر استجابة هذه الحكومة أو تلك لمطالبهم التي أيدها بكل قوة جلالة الملك مؤكدا أن الأولوية للإصلاح السياسي ولمكافحة الفساد والمفسدين ومساءلتهم والإستجابة الفورية لجميع مطالب الشعب المشروعة ..

وقد جاء ذلك أثناء لقاءاته مع السلطات الثلاث ومع الحركة الإسلامية ومع النقابات والفعاليات المختلفة..كما جاء ذلك في كتاب التكليف السامي لحكومة البخيت ..

لقد أمر جلالته منذ قرابة عقدين من الزمن باستحداث وزارة للتنمية السياسية , ولكن هذه الوزارة بوزرائها المتعاقبين لم تحقق شيئا مهما على صعيد الإصلاح السياسي سوى الكثير من التنظير والخطابات التي لم تر النور..

لقد اصيبت الاحزاب والقوى السياسية المختلفة بالاحباط او تكاد جراء عدم تحقيق اي انجاز مهم على صعيد الاصلاح السياسي ..

وكان الوقت كافيا جدا لتحقيق مبدأ تداول السلطة بين الاحزاب والفعاليات السياسية والاجتماعية ... ولكن عدم ايمان الحكومات المتعاقبة بهذا المبدأ ابقى الاصلاح السياسي مجرد شعار يطلق بالمناسبات ليس الا ...

ان فرصة حكومة البخيت الحالية مواتية لتحقيق مطالب المتظاهرين او معظمها على الاقل ..والا فأن حشود المتظاهرين ستتضاعف بتواتر مستمر مع الايام ... والله تعالى يحمي الاردن وامنه واستقراره ...