... بصراحة لقد قاتلوا وحدهم, هذا اختصار المشهد..
الطلقات التي استعملوها, كانت مما خزنوه من ذخيرة, والقذائف التي ضربوا بها الدبابات صنعوها في ورش صغيرة نصبت بأطراف غزة, وفي أقبية لم يعرف عنها أحد, حتى الزي العسكري الذي ارتدوه, قامت عناصرهم بخياطته... تخيلوا على مدار (50) يوما خاض الفلسطيني معركة دامية, دون أن تدخل له طلقة أو قذيفة.. أو حتى سكين... ودون أن تكتشف صواريخهم التي صمموها وخبأوها في ممرات سرية.
في أوكرانيا حين اندلعت الحرب, لم تتوقف شحنات الأسلحة أبدا.. أرسلوا لهم الدبابات, مضادات الطائرات, البنادق... أعتى أنواع الأسلحة وأحدثها.
في حرب فيتنام, كان الاتحاد السوفياتي يزود (الفيت كونغ) بكل شيء, حتى الصواريخ والقاذفات والذخيرة.. كل شيء كان يرسله لهم, وفي الحرب الكورية لم تتوقف السفن أبدا عن تزويد كوريا الشمالية... بالأسلحة.
في حرب تموز عام (2006) حاولت إسرائيل قصف كل الطرق الواصلة بين لبنان وسوريا, إلا أن اللبنانيين كان يتم تزويدهم ما يحتاجه من صواريخ مضادة للدبابات, ومن الكاتيوشا.. من كل شيء, حتى الطعام والمؤن..
تلك أغرب حرب في العالم, الطرف الإسرائيلي بالرغم من أن تكلفة دبابة واحدة من دباباته تتجاوز تكاليف كل القاذفات والصواريخ قصيرة المدى التي أنتجتها المقاومة, إلا أن الجسر الجوي الذي أقامته أميركا والغرب هو الاخر لم يتوقف أيضا, واخر اعترافات أدلت بها واشنطن تؤكد أن اسرائيل استعملت قنابل أميركية بزنة (طن) للقنبلة.
انتصروا.. لأن طلقة واحدة لم تدخل مخازنهم, وانتصروا لأن قذيفة واحدة لم يستطع أحد تهريبها إليهم, انتصروا لأنهم بالرغم من الحصار وإغلاق كل المعابر, إلا أن رمايتهم لم تتوقف.. وانتصروا أيضا, لأن إسرائيل بكل جبروتها لم تستطع.. أن تظهر مخزنا للأسلحة استولت عليه, أو صاروخا.. كل ما عرضته هو حقيبة فيها (كلشن كوف) والقليل من الذخيرة...
اختصار المشهد هو أن الفلسطيني قاتل وحده, ودفع الدم وحده.. ولكنه أهدى النصر لكل العرب.. هل يوجد كرامة وإيثار أكثر من ذلك؟
الرأي