زرقاوي بامتياز ، ولد فيها وفي مدارسها تعلم، كأي شاب زرقاوي يقسدر عصرا في شارع شاكر ، يستمتع بكاسة الشاي بالنعنع في قهوة الروشة، ولا ينسى شراء الفول والحمص من بسمة السعادة، وحين يهفو الفؤاد لا يجد بدا من المدرسة التجارية او مدرسة رحمه .
والده عسكري، تعلم منه الانضباط والصرامة والقوة في الموقف والكلمة، يفتخر بأنه ابنا لعائلة أردنية عاديه جدا ، بدأ حياته العملية كخريج ادب إنجليزي محررا في صحيفة إنجليزية تصدر عن صحيفة الدستور .
تدرج في المواقع الصحفية الى ان وصل الى رئاسة التحرير في الأردن وخارجه .
منذ عام ٢٠١٧ ،دخل في حكومة الدكتور هاني الملقي ، فلم يكن عابرا للحكومات فقط ، بل ان الحكومات هي التي اصبحت عابرة للصفدي ، فاستمر في حكومة الملقي، الرزاز ، الخصاونة .
من بين وزراء الخارجية المعدودين جدا الذين دخلوا نادي وزراء الخارجية دون ارث سياسي للوالد او الوالدة ، ولذلك يجتهد خصومه بالبحث عن اخطاء يرتكبها ، فحين كان يسجل الهدف تلو الاخر ليضيف الى رصيده كهداف محترف ، تعبوا واستكانوا واكتفوا بمراقبة المشهد ولسان حالهم يقول (من وين طلع النا هالشب ) .
لمع نجمه في العدوان على غزة ، ولأنه ما يزال مسكونا في عالم الصحافة اسمحوا لي ان استعمل توصيف للحالة لا يفهمه إلا اصحاب مهنة المتاعب حين اقول انه (رفع الدوز) في شرحه للموقف الأردني تجاه غزة .
لا شك ان مهمة وزير الخارجية- اي وزير خارجية- صعبة جدا ومعقدة جدا فيما يتعلق بالتعاطي مع وسائل الاعلام، وخاصة الاعلام الغربي المتمترس وراء مواقف مسبقة سبقها الاف الساعات من الضخ الاعلامي المعاكس مدعوما بجيش من الخبراء والمستشارين وترسانة كبيرة من المؤسسات الاعلامية ذات الموازنات المالية المفتوحة.
يقابل ذلك شاب أردني زرقاوي مشى في طفولته ذهابا وإيابا إلى المدرسة اكثر من سرفيس الجبل الابيض، واكثر من سيارة لادا موديل ٨٢ ، فوالده ليس وزيرا ، وأمه ليست عينا ، يقف بالمرصاد بكل (دقارة الزرقاوي) ، يفنّد هذا التصريح ، ويوضح هذا الموقف ، ويرد بكل ثقة على اسئلة صعبة للغاية رسب بها غيره .
لو أردت ان اعدد عوامل نجاحه كوزير خارجية لقلت ان اهم ادوات نجاحه هي ثقة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين الذي عادة ما يختبر بذكاء شديد الشخص الذي يكلف بمهمة ما ، ويترك له هامشا من الحركة، هذا الهامش في القضايا الدولية المعقدة كمن يمشي في حقل الغام ، نقلة القدم مدروسه بدقة، حركة اليدين مدروسة، الكلمة مدروسة بعناية فائقة، لكن الصفدي نجح في كل الاختبارات فحصل على ثقة سيد البلاد ، فتحرك في هامش مريح وقرأ موقف الأردن الداعم للقضية الفلسطينية جيدا ، وعبّر عنه بوضوح وثقة وطلاقة عزّ نظيرها .
لانه ابن عسكري مثلنا ، فأنه الأقدر على فهم المصطلحات العسكرية ، ولذلك استطيع ان اقول انه فتح ثغرات سياسية ودخل منها مدججا بالحجة والمنطق استطاع ان يغير مواقف عدد من الدول، اصعبها كان الموقف الأمريكي ، وعدد من الدول الغربية، في ظروف دولية معقدة وحساسة للغاية .
الصفدي ايمن ، كان مركز ابحاث أردني متنقل، مركز ابحاث غير مكلف لم تصرف عليه الدولة ملايين الدولارات ، كل ما هنالك ان الرجل اغتنم تجربته الصحفية والاعلامية والحياتية ووظفها التوظيف المهني السليم، وعبّر بكلمات يفهمها الغرب عن موقف قيادتنا الهاشمية ، وهو ذات الموقف الذي يعيشه الأردنيون بألم كل يوم .
ما أردت ان أقوله ان ابناء العسكر يبدعون في مواقعهم اكثر من اولئك الذين ولدوا وفي افواههم ملاعق من ذهب، فالذهب يفنى ليس بحكم نظريات الفيزياء والكيمياء فقط، لكن يتجدد التاج فوق البورية يوما بعد يوم ويصير الماسا فوق هامات الرجال..
بقي ان اقول: شكرا لابن العسكر والزرقاء ايمن الصفدي، فحين تتحدث ترفع رؤسنا في كل محفل عالمي، عندها فقط اتذكر تلك البوريه بتاجها اللامع فوق رأس والدك الشامخ العسكري حسين عبدالله الصفدي .