المعارضة اداة لهدم الوطن ..
محمود الدباس - ابو الليث
25-11-2023 10:11 AM
هذه الجملة سمعتها ويسمعها الكثير منا في جلساتنا وحواراتنا.. ووجدت من الواجب علي كانسان محايد ومنحاز بالكامل لصف الوطن.. ولست محسوبا على احد.. ان اطرق هذا الباب بطريقة سلسة وبسيطة.. من غير الدخول في التفاصيل العميقة التي هي تخصص للكثيرين مٍمن يعلمون دهاليز وفكر وافكار المعارضة..
عملت في شركة بريطانية فترة من الزمن.. زكما يقولون فان الانجليز هم دهاقنة السياسة مؤسسوها.. وهم من يمتلكون كيفية التعامل بها وبأدواتها.. ولا انكر انني تعلمت منهم ومن ادارتهم الشيء الكثير..
فقد دخلنا تحديا في احد المشاريع.. كان اشبه بالانتحار من وجهة نظر كل من ينظر بنظرتنا العادية..
فكان هناك اثنان متنفذان من جان الزبون الذي تعاملنا معه.. وكانت كل الدلائل تشير الى اننا إن فزنا بذلك المشروع سيفشلانه لا محالة..
ومن خلال الرصد وجدنا انهما استقطبا مجموعة لا بأس بها ممن يعملون لمصلحة المؤسسة التي يعملون بها.. وتم تجييشهم لافشال المشروع..
وحين طرحنا الامر لادارتنا.. اصروا على المضي في المشروع دون تردد..
اذكر ان ذلك اللوبي المعاكس لنا.. عمل وبكل ما أوتي من قوة ومعرفة لإيجاد النقاط الكثيرة التي فيها ضعف في نظامنا الحاسوبي.. وكنا قد خصصنا طاقما من افضل المبرمحين لمعالجة كل الملاحظات دون اي امتعاظ.. وكان اللوبي المعارض لا يهدأ في النبش عن الثغرات.. وفريقنا كان يبادلهم بالتحسين والتطوير المستمر.. وكأنهم يتلقون جوائز قيمة.. وحين اتى موعد التسليم الفعلي.. كانت النتيجة.. اننا سلمنا نظاما كاملا شاملا يكاد يخلوا من العيوب.. الامر الذي مكننا من تسويقه وبيعه في الكثير من البلدان بشكل قوي..
هذه الحادثة.. جعلتني اتوقف كثيرا وانظر في كيفية استغلال المعارضة حتى تلك التي لا تريد لنا الخير في اتمام العمل بشكل افضل مما توقعناه..
وتعلمت ان كثيرا ممن هم في صف المعارضة ليسوا الا اناس محبين ومنتمين لمؤسستهم.. ويسعون جاهدين لمصلحتها.. ولكنهم كانوا تحت جناح واستغلال فئة لها مصالحها الخاصة.. وبالمحصلة كانت النتيجة ايجابية لنا وللمؤسسة.. وكان الدور المهم للإدارة التي وظفت تلك المعارضة لمصلحة العمل والنتيجة النهائية..
في كل الدول التي تطبق الانظمة الديمقراطية.. فيها اناس يطلق عليهم المعارضة.. ولكن هذه المعارضة هي مكون وطني رئيسي في تلك الدول.. وتسعى حثيثة لرفعة بلادهم.. وتبحث عن الثغرات في نهج الحكومات.. وتسلط الضوء عليها.. وكثيرا من الاحيان.. إن لم تكن جلها تضع الحلول والبدائل القابلة للتطبيق.. وضمن مقدور الدولة..
وحين يأتي الوقت لان تتسلم المعارضة دفة القيادة للبلد.. تجد ان كثيرا مما طالبت به قد تم تطبيقه.. فتسهل عليها القيادة.. وفي ذات الوقت تتحول القوى التي كانت ممسكة دفة القيادة الى خندق المعارضة.. وتسير بنفس النهج والنسق الذي سارت به المعارضة السابقة.. فتكون النتيجة النهائية رفعة البلد ونمائه ونشر العدالة والمساواة.. واكمال للمسيرة.. وعمل مؤسسي تراكمي مبني على فسيفساء وطنية متينة..
ومن خلال ما تقدم اجد بان من يقول بان المعارضة هي أداة هدم للأوطان.. بان تريث قليلا.. وتعامل مع المعارضة بالشكل الذي وجدت عليه اساسا هذه المعارضة.. وخذ بآرائها البناءة.. واستغل افكارهم واشاراتهم في تحسين الاوضاع.. وسد الثغرات.. فتكون النتيجة النهائية وطن متمتسك متراص.. يسعى فيه الجميع لهدف سامي.. مع اختلاف المواقع والطرق والمسميات..
في الختام.. علينا جميعا ان نعلم بان غالبية المواطنين هم في خندق الوطن.. حتى وان تم استغلال البعض لان ينضوا تحت شعارات مختلفة.. وسيجتمع الجميع تحت لواء المصلحة الوطنية.. وسينكشف كل من يحاول النيل من الوطن متشدقا باي شعارات.. وسيلفظه الجميع.. اذا ما شعروا بان ما يقولونه ويشيرون اليه وفيه مصلحة البلد يتم الاخذ به.. دون النظر الى الجهة او الاشخاص الذين طالبوا به..
فهل لازلنا نعتقد ان المعارضة شيء سيء.. وهي موجودة لقول "لا" ووضع العصي في الدواليب.. والمناكفات الفارغة؟!..
أم اننا فهمنا ان المعارضة الحقيقة والوطنية.. هي شيء ايجابي وصحي.. وهي التي تقول لا.. لأي شيء ضد مصلحة الوطن.. وتقول نعم لكل ما فيه مصلحة الوطن..