عندما نواجه في الحياة سلوكا غريبا من صديق يتعارض مع معتقداتنا أو تصوراتنا أو تجاربنا، نشعر بالانزعاج وقد يرافقنا إحساس بالحيرة، ونحاول العثور على تفسيرات أو مبررات تتماشى مع أفكارنا المسبقة عن هذا الشخص.
قد يكون الشخص يشعر بالسوء، من موقف ما بشكل واضح أو أنه يريد الانتقام من خطأ ما حدث بحياته وتسبب له بالألم.
لكل إنسان معاناته الماضية، وظروفه الخاصة التي قد ينتج عنها تصرفات وردود فعل سلبية غريبة وغير مفهومة.
ويزداد الأمر سوءا، كلما حدث ما يسمى التنافر المعرفي، بداخل الإنسان، بمعنى محاولة تبرير تصرفاته بما يتناقض مع القيم الإنسانية والاجتماعية.
وقد فسر العالم الاجتماعي فستنجر فكرة التنافر عن طريق تجربة طلب فيها من مجموعة من الأفراد ممارسة ألعاب مملة لفترة طويلة، ثم أعطى قسما منهم 20 دولارا، بينما أعطى القسم الآخر دولارا واحدا.
وحين تم الطلب من الأفراد تقييما للعبة، فإن أعضاء فئة ال20 دولارا وصفوها بالمملة، وأنهم قد صبروا عليها بهدف الحصول على المبلغ. أما أولئك الذين تقاضوا دولارا واحدا، فقد راحوا يختلقون المبررات حول عمق الفكرة، وكيف أنها ممتعة لمن يتأمل فيها. أن هذا التبرير طبيعي، كونهم لا يملكون مبررا آخرا لتضييع وقتهم في عمل ممل.
قد تكون هناك أسباب مختلفة وراء محاولة الأفراد تبرير أفعالهم الغريبة باستخدام آلية خط الدفاع.
وعلى الرغم من سلبية فكرة التنافر المعرفي إلا أن أحد الجوانب الرائعة لها هو أنه يحث الناس دون وعي منهم على البقاء متسقين مع معتقداتهم أو التزاماتهم. فهي فكرة تشبه المفتاح الذي من خلاله يختبر الناس التنافر، فيكتشفون ما يريدون فعليا الحصول عليه.
وهذا ما يجعلنا أحيانا نقوم بتفسير تصرفات بعض الأشخاص ممن شاءت الظروف أن يمروا في حياتنا لسبب أو أخر، بأساليب مختلفة.
نقوم بالتفكير بالأفعال المؤذية، ونبررها بطريقة تريحنا داخليا.
نحاول التعاطف في بعض الأحيان، وتفهم الأسباب الجذرية لسلوك شخص ما تجاهنا، حتى عندما يكون سلوكه مؤلما أو قاسيا، قد نسلط الضوء على ما مر به سابقا من تجارب غير ناجحة، وقد نحاول وضع أفعاله في سياق إنساني لإيجاد مبرر للتعاطف معه.
هناك أشخاص تعرضوا للكثير من الألم والاستغلال مما قد يدفعهم إلى الحذر والبعد، عن الآخرين، ومحاولة تنمية وحماية أنفسهم بعيدا عن كل شيء يجعلهم يفقدون، الشعور بتقدير الذات.
التجارب هي قوس قزح يلمع فيه ذلك العالم غير المكتشف الذي تتلاشى هوامشه إلى الأبد بلحظات، ولا يبقى معك منه شيء إلا ما جمعته بذاكرتك من جمال اللحظة، فاصنع من الالوان معنى حرا وفريدا لحياتك، لتحظى بواقع وحالة من الرضى والهدوء.