اللاءات الأردنية وتجلياتها
النائب د. فايز بصبوص
25-11-2023 12:36 AM
هنا لن نضيف جديدا حول ما يحصل من انبعاث سياسي للأزمة الوطنية الفلسطينية، وذلك التوحش والاستبداد القسري لكل ما هو فلسطيني وغير فلسطيني، فعلى مرآى العالم هناك إجهاض ممنهج لقواعد الاشتباك وللقيم الإنسانية المتراكمة على مسار المعرفة الإنسانية بكليتها.
نود هنا أن نسلط الضوء حول الابعاد الحقيقية للتفاهمات بين حركة حماس والكيان الصهيوني من خلال الوساطة القطرية والمصرية، والتي ارتكزت بمضامينها حول ثابتة أردنية واضحة المعالم بوقف العدوان الصهيوني على كل المحاور وإفساح المجال من أجل إدخال المساعدات الإنسانية وخاصة الوقود، في سياق عملية تبادل الاسرى والمرتكزة على واحد مقابل الثلاث.
إن إتمام هذه الصفقة يمهد إلى تمديد مستدام يرتكز على التدرج في الإفراج عن الأسرى الصهاينة، وخاصة ودون مواربة المدنيين فقط.
هذا الحراك يتوازى مع ما يتسرب من هنا وهناك، حول مستقبل القطاع ووقوف الأردن بالمرصاد لإجهاض هذه التسريبات بموقف واحد من أن وحدة الأراضي الفلسطينية في غزة، والضفة ومستقبلها السياسي، يرتكز كخط أحمر أردني على حل الدولتين ببعدها السيادي وليس على تجزئة الحل السياسي، من خلال الترويج إلى فصل القطاع سياسياً وسيادياً هنا وهناك، دون النظر إلى شمولية الحل، والذي هو خط احمر اردني فاقع المعالم فـ"الأ» الأردنية الأولى ترتكز على وحدة الأراضي الفلسطينية في الضفة والقطاع.
أما الركيزة الثانية للاءات الأردنية فهي تنبثق من عدم قبول لا من قريب ولا من بعيد تلك السيادة المركزية الصهيونية، القائمة على قاعدة التهجير القسري، والذي تنتهجه وانتهجته قوات الاحتلال الصهيوني، والتي ارتكزت في بنك أهدافها على الأطفال والنساء والتهجير المدني، في تجربة ابتدأت من شمال القطاع، بإطار تشكيلي ظاهري يوحي بأن جنوب القطاع ووسطه خارج الاستهداف.
وهذا ما لم تثبته التجربة بأن الكل الفلسطيني في القطاع، مستهدف فعدد الشهداء المدنيين في الوسط والجنوب يفوق في الكم وفي النوع غزة في الشمال الفلسطيني، ونعني هنا القطاع الشمالي لمدينة غزة وضواحيها.
فهذا بالنسبة إلى الأردن يعتبر تراكماً في السردية الكاذبة الصهيونية حول أهداف العدوان، وهذا يعتبر اجراء لا يمكن أن يقبله الأردن من خلال السياسة المتبعة بالتجريب العسكري لمالات مفهوم الترانسفير او التهجير القسري، وهو خط أحمر أردني، مهما كانت وجهته للجنوب أو سيناء أو إلى الأردن، فلا يمكن للأردن أن يتغاضى عن هذه السياسة.
الجانب الآخر في سياق ما يتسرب من هنا وهناك، هو ما يخص الفعل الصهيوني غير المسبوق في الضفة الغربية، وتوظيف الانشغال في مجازر غزة، للتغطية على مشروع الكيان الصهيوني القائم على إجهاض السلطة الفلسطينية كشرعية دولية، وتغييب منظمة التحرير الفلسطينية عن المشهد، من خلال إضعاف «السلطة»، وما يمكن أن يطلقه التهجير القسري الناعم إذا ما قورن بما يحصل من مجازر استثنائية في القطاع.
من هنا نقول أن الهجوم الأردني الدبلوماسي والذي بدأ يأخذ أبعاداً دولية، وانعكس في الحديقة الخلفية للولايات المتحدة الأميركية، من خلال دخول دول أميركا الجنوبية واللاتينية على خط الدبلوماسية الأردنية، وذلك من خلال الاتصال الذي جرى بين وزارة الخارجية الكولومبية ووزير خارجيتنا أيمن الصفدي، حول تدعيم الموقف الدبلوماسي الأردني المتوازن، والذي انعكس أيضاً من خلال قطع العلاقات البوليفية مع الكيان الصهيوني وجمهورية التشيلي التي اتبعت نفس المسار.
كل ذلك التحدي الأردني غير المسبوق قد جعل الأردن محوراً حقيقياً في الموقف والأداء والتحدي لهذه الدول، ووضع أمام الأردن احتمالات التنويع في سياسته الخارجية والدبلوماسية، وأن الأردن حكومة وشعباً قد بعثت برسالة شعبية ورسمية غير المسبوقة في إطار التنويع الدبلوماسي، وإعادة تركيب أولوياتها الخارجية ارتكازاً على عدم تغييب ما يحصل في الضفة الغربية، والاقتحامات المتكررة المستهدفة للوصاية الهاشمية أولا وهي اللاء الثالثة التي لا يمكن ان تمر في سياق فوضى الدولة العميقة للكيان الغاصب.
الأردن في اطار توازيه الدبلوماسي مع الإنجازات الاستثنائية للمقاومة الفلسطينية على الأرض قد سطر من خلال إشراف ولي عهده الأمير الحسين المباشر على التحدي في إنجاز المستشفى الميداني الثاني في خان يونس وفي نابلس/1، قد بعث برسالة أن الجيش العربي المصطفوي ومن خلال توجهات جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين والترجمة الحقيقة لرؤيته من خلال تصدر ولي العهد الى تنفيذ هذه التوجهات كأحد ضباط الجيش العربي المصطفوي يبعث برسالة أن الأردن ملكا وشعبا ومؤسسات رسمية وشعبية وإعلامية جاهز لكل الاحتمالات، وأن الأبعاد السياسية وغيرها من الاحتمالات، هي فوق الطاولة تدرس بدقة وتتخذ ضمن إطار التوازن في قواعد الاشتباك، نتائج بدأت تلمس انعكاساتها على تحويل اللاءات الأردنية إلى ثوابت وجدانية، لا يمكن التزحزح عنها قيد أنملة مهما وصلت التحديات والضغوط.
الرأي