ملف الكازينو يدخل مرحلة التجاذب بين الحكومة والنواب .
حرب على الفساد لم نشهد لها مثيلا من قبل, هكذا وبدون مقدمات يصحو الجميع على خطر الفساد وضرورة مكافحته, ويتسابق النواب مع الحكومة على فتح الملفات وفي احيان يهجم الطرفان على نفس الملف, فالمجلس النيابي الكريم لم يكتف بقرار حكومة البخيت احالة ملف "الكازينو" الذي ارتبط بحكومة البخيت الاولى الى "مكافحة الفساد" وبادر 61 نائبا بتوقيع مذكرة تطالب بتشكيل لجنة تحقيق نيابية في عطاء ترخيص "الكازينو".
وفي الاثناء احالت الحكومة ملف "سكن كريم" الى هيئة مكافحة الفساد, وشكلت لجنة استشارية لتدقيق ودراسة ملفات تدور حولها شبهات الفساد.
و"مكافحة الفساد" من جهتها تستعد لاحالة نتائج التحقيق في ملف شركة "موارد" الى القضاء الاسبوع الحالي. ويقول المطلعون ان هناك عددا من القضايا في طريقها الى التحقيق.
هذه كلها اخبار طيبة تسعد الرأي العام الذي طالما اشتكى من الفساد ودعا الى مقاومته. ورغم الحجم الكبير للقضايا المحالة للقضاء او التي ما زالت في مرحلة التحقيق فإن الناس سيطالبون بالمزيد ويعودون ليذكروا بقضايا مر عليها زمن طويل.
لكن ثمة محاذير ينبغي الانتباه اليها في الحرب المفتوحة على الفساد:
اولا: ان لا تتحول مكافحة الفساد الى حرب لتصفية الحسابات بين مجموعات متنافسة في الحلبة السياسية او بين الحكومة والنواب كما هو حاصل الآن في قضية الكازينو, فالحكومة ورئيسها على وجه التحديد يسعى لطي صفحة "الكازينو" التي شوهت سمعة حكومته الاولى, فيما النواب يحاولون تحويل الملف الى وسيلة ضغط على الحكومة وهي تطلب ثقتهم.
ثانيا:- ان الشعور بأن الهجمة الحالية على الفساد هي مجرد خطوة تكتيكية لامتصاص غضب الشارع وتهدئة الرأي العام في ضوء الحالة العربية الراهنة يلقى رواجا عند الكثيرين, ولذلك يتعين على الحكومة ومؤسسات الدولة الالتزام بأن تكون الحرب على الفساد عملية مؤسسية دائمة لا ترتبط بظرف طارىء او حالة استثنائية كما كان الحال في السابق.
ثالثا: ان التعامل مع ملفات فساد من النوع الثقيل يتطلب وجود مؤسسة قوية لمكافحة الفساد تملك كل المقومات اللازمة للتعامل مع قضايا معقدة يحتاج تفكيكها الى خبرات كبيرة في جميع المجالات والقانونية منها على وجه التحديد, لقد كان مؤسفا بالفعل ان نسمع رئيس هيئة مكافحة الفساد يشكو من عدم توفر موظفين قادرين على ترجمة وثائق من الانجليزية الى العربية في الهيئة, فكيف ستتعامل "الهيئة" إذاً مع نص اتفاقية "الكازينو" المكتوب باللغة الانجليزية.
رابعا: يمكن الاعتراف بأن هناك مناخا ملبدا بعدم الثقة من طرف المواطن الاردني بجدية الحكومات في مكافحة الفساد وثمة قناعة راسخة مفادها ان "الكبار" لا يدخلون قفص الاتهام ومهاجع السجون, تغيير هذه القناعة يتطلب توفر الارادة السياسية للمضي في جميع الملفات الى النهاية وان لا توضع سقوف مسبقة للتحقيق وفي نفس الوقت الحرص على عدم الزج بابرياء في السجون لايهام الداخل والخارج بأننا نكافح الفساد.
fahed.khitan@alarabalyawm.net
(العرب اليوم)