هل نجحت الاحزاب الاردنية في توحيد خطابها؟
م. بسام ابو النصر
24-11-2023 02:55 PM
في البداية لن أترك القارئ في دوامة الإجابة على السؤال المطروح فالمقصود هو هل استطاعت القيادات المفترضة في كل حزب أن تقدم خطابا متماهيا داخل الحزب الواحد، وكيف تخرج النخب بتقديم فكر الحزب ورؤيته ورسالته في الجلسات الرسمية والمداخلات المتخصصة، وكيف السبيل إلى تقييم أداء هذه النخب داخل الحزب الواحد بحيث يخرج علينا الكثير من أعضاء الصف الأول بتردي كبير في تقديم أحزابهم من خلال ما يتوفر لهم من منصات تسمح بها الكثير من مؤسسات المجتمع المدني، وهذا يعطي انطباعًا لدى المثقفين والكثير من السياسيين والاعلاميين الملتزمين بحس فكري محدد ، وحتى لدى الأكاديميين الذين يراقبون المشهد السياسي من خلال الندوات والمؤتمرات، ومن خلال ما يستطيع الكثير ان يجري عملية تقييم أداء وهذا ما تجريه الكثير من المؤسسات غير الحكومية كراصد التي بدأت تقوم على عمليات تقييم للأحزاب ستظهر إجراءاتها ونتائجها مطلع العام القادم، وجميل القول هو أن على النخب القيادية في الأحزاب أن تجري تمرينًا في العمل الديموقراطي الذي يبتعد عن المجاراة والنفاق السياسي والتزلف الديموقراطي، وأيضًا على هذه النخب أن تبتعد عن المجاملات الرخيصة، وهناك من لا يفرق بين البروتوكول والمجاملة، فلا ينبغي أن نوافق على ما يختلف مع ما نقتنع فيه حبًا بشخصية القائد أو رئيس الدائرة، أو يكون هناك تواطؤًا لصالح شخص داخل أو خارج الحزب.
وهذا لا يعني أن نذهب بعيدًا الى الاختلاف مع القائد والمسؤول، وان نقوم على خلق عوامل الاختلاف والفتنة، لتكريس استقلالية الفكر لدى الفرد، فالعمل الحزبي يرتكز على العمل الجماعي الذي يلتزم فيه الافراد بتوجيهات قائدهم، ويلتزم فيه القادة بالمحتوى الفكري لحزبهم، ويكون هناك أطر هيكلية تساهم في القيام بتنظيم العلاقة بين الأعضاء وقيادات الحزب الذين يتم اختيارهم وفق أصول ديموقراطية تمتاز بأعلى معايير النزاهة والشفافية.
وبعد كل ما سبق، كيف نتمكن من توحيد خطابنا، ومن المصرح له بالتحدث باسم الحزب، وهل هناك ما يمكن الوقوف عنده في تباين الخطاب بين النخبة المنتخبة في الحزب الواحد، ولن يكون ذلك ممكنًا إذا عمد كل واحدٍ منهم إلى قناعاته الشخصية، وهذا يربك المشهد السياسي، حيث أنه لا فائدة للعمل الحزبي في ظل تباين الخطاب، ولا يتأتى هذا إلا من خلال التدريب المتواصل على إيصال رسالة الحزب وفكره بطرق مختلفة، قولًا وتطبيقًا، وعلى الذين يعملون في العمل الحزبي أن يبتعدوا عن إبداء أراءهم الخاصة أمام الناس إذا كانت تتعارض مع فكر أحزابهم.
ومن هذا المنطلق تتفق الكثير من الأحزاب على وجود منظرين لها، يقومون على تقديم رأي سياسي وفكري واجتماعي في كل ما يواجه المجتمعات والأفراد، ويتكيف هؤلاء المنظرون على تغيير قناعاتهم وفقّا لرأي أحزابهم وحسب ما يصدر عن الدوائر المعنية في الحزب، ويقدم هؤلاء المنظرون قناعاتهم الخاصة حيث يتم التصويت عليها من المكاتب السياسية والمجالس التنفيذية، لتكون نقاط التقاء للمتحدثين باسم الحزب في المؤتمرات والندوات، سواء كمتحدثين رئيسيين أو متداخلين ومناقشين.
وفي إطار متصل، كيف يمكننا أن نوحد خطابنا؟ إزاء كل القضايا المعروضة وهل هناك ما يمنع بعض القيادات ان تقدم خطابًا مكتوبًا إذا كان من الصعب ان تتبع توجيهات القيادات العليا لهذه الأحزاب، ولماذا تقدم الكثير من الأحزاب خطابًا متماهيًا في كل القضايا المطروحة؟ ولماذا لا تندمج الاحزاب المتشابهة في الطرح فيما حدث للكثير من الاحزاب كحزبي الوسط الاسلامي وزمزم فيما قُدم للمجتمع الاردني حزبا قويًا كحزب الائتلاف الوطني الذي خرج باندماج أحزاب قوية في حزب أقوى.
ويبقى السؤال الكبير المطروح كيف السبيل الى توحيد خطابنا من خلال القيادات التي تجتهد بشكل فردي وبطريقة لا منهجية في تقديم احزابها بحيث يكون المنتج عملًا سياسيًا ذات قيمة للوطن والمجتمع والحزب نفسه.