قد يستغرب البعض من عنوان المقال بعد ان اعتاد على قراءة نقدية في هذا العمود لمجمل السياسات, والحقيقة انني اعي جيدا مضمون ذلك العنوان لعدة اسباب.
اشعر ان هناك حكومة يتمتع اعضاؤها برجولية اردنية بعد ان اعتدنا في السنوات الاخيرة على مشاهدة عدد من الوزراء الذين اساءوا لمفهوم الخدمة العامة وجعلوا من منصب الوزير وظيفة مثل باقي الوظائف ومن يعتلي ذلك المنصب هو موظف يختبئ وراء مرجعيات عليا في اتخاذ القرارات دون ان يملك الشخصية التي تدلل على رأيه بصفته صاحب ولاية.
اتفاءل لان حركة الشارع الشعبي تعطينا املا بان القضية ليست فقط زيادة رواتب ودعم المحروقات, بل ان الشعوب تتطلع لحريتها وكرامتها, وكما قال رئيس مجلس الاعيان طاهر المصري في مقابلته مع برنامج ستون دقيقة, الناس بمجرد ان يتحركوا وينخرطوا في الحراك السياسي لن نعود نشاهد مظاهر العنف المجتمعي التي كانت في السابق.
محاربة الفساد, يبدو انه خرجت من اطارها النظري الذي اعتاد المواطنون سماعه من الحكومات المختلفة الى اطارها العملي الفعلي, وتشكيل لجنة استشارية للتدقيق تضم في عضويتها شخصيات لها وزنها الاخلاقي في المجتمع يؤكد صدقية هذا التوجه ويعزز المصداقية المفقودة بين الشارع والمؤسسات الرسمية.
انا متفائل من قدرة الحكومة على السير بمشاريع الاصلاح الحقيقي لانني اشاهد نقمة في سلوكيات بعض النواب الذين منحوا ثقة الـ "111" للحكومة السابقة. شخصيا ارى في عدم ثقة النائب بالحكومة الحالية ثقة شعبية, لانني لا اعتقد ان المجلس الحالي يملك اية ثقة في الشارع الذي انتفض بوجه المجلس وحكومة الـ "111".
يبقى الشأن الاقتصادي هو التحدي الاكبر امام الحكومة في الخروج من النفق المظلم الذي يحيط بالامن المعيشي للمواطنين, وهو امر لا يمكن ان يتم معالجته الا من خلال مرتكزات مهمة ابرزها محاربة الفساد ومحاسبة المسؤولين عنه مهما علت درجاتهم.
اعادة الاعتبار للضمان الاجتماعي لاخذ زمام المبادرة فيما يعرف بالخصخصة العكسية واستعادة الاردنيين لجزء من الاصول التي باعتها الحكومات.
حوار وطني صريح بين كافة فئاته للتوافق حول برنامج واقتصادي وطني محدد الزمان والاهداف, ويكون عنوان عمل برنامج الحكومات تاركا الاجتهادات الشخصية لتنفيذ البرنامج لا الخروج باراء وزراء لا يلبثون في الوزراة اكثر من ستة شهور, اي اننا بحاجة الى خارطة طريق اقتصادية.
استمرار هذا التفاؤل مرتبط بمدى استمرار الحراك السياسي الشعبي من جهة, وقدرة الحكومة على توظيف هذه اللحظات التاريخية في ترجمة مفهوم الاصلاحات الى برامج عمل حقيقية توحد المجتمع من الداخل وتنهي حالة الاحتقان الشعبي.
salamah.darawi@gmail.com