التهجير خط أحمر .. أياكم أن تختبرونا!
د.زهير أبو فارس
23-11-2023 05:05 PM
لقد أصبح مخطط المشروع الصهيوني تجاه الشعب الفلسطيني واضحا ولا يحتاج إلى المزيد من التحليل والتخمين ،ووضع الفرضيات واختبارها. فحرب الإبادة الجماعية ، وما يرافقها من ممارسات التطهير العرقي الممنهج، والتي لم يعرف التاريخ مثيلا لوحشيتها وانفلاتها من اي رادع إنساني او أخلاقي، تستهدف تصفية القضية الفلسطينية ، بعد ان ضمنت غطاء وفرته لها الدول الغربية " الديموقراطية" الفاعلة في العالم ، بحجة "حقها المزعوم بالدفاع عن النفس" ، مهما كان حجم الجرائم والدماء المسفوكة ، ما دامت دماء نساء وأطفال فلسطين الأغيار ! .
إن قتل وجرح عشرات الآلاف ، وتدمير البيوت على رؤوس ساكنيها الآمنين، وتشريد مئات الآلاف الآخرين باستخدام اكثر الأسلحة فتكا، يؤكد إلى ان كل هذه الجرائم بحق المدنيين العزل ، ليست فقط إرضاء لغريزة الإنتقام الدموية ، بل تستهدف بالأساس كسر إرادة المقاومة لدى الشعب الفلسطيني، التي لن تلين أو تضعف طوال قرن مضى على بدايات المشروع الاستعماري الصهيوني ، الذي ابتليت به فلسطين وشعبها . وقد شكلت النكبة عام ١٩٤٨ ، وما رافقها من مجازر وحشية ،التجربة الأولى في استخدام سياسة الإرهاب كسلاح من أجل بث الرعب في قلوب السكان الأصليين، وتهجير ما يقارب نصف الشعب الفلسطيني إلى خارج وطنه التاريخي .
وبعد مرور أكثر من خمس وسبعين عاما على النكبة اكتشف العدو ان مئات آلاف الفلسطينيين ، الذين بقوا في وطنهم ، قد جاوز عددهم السبعة ملايين ، وهناك نفس العد تقريبا خارج فلسطين ، والأهم، أن ألاجيال المتتالية ما بعد النكبة لم ولن تنسى وطن الآباء والاجداد ( كما اعتقد قادة الكيان الصهيوني ) ،بل باتوا أكثر عشقا وارتباطا بتراب وزيتون فلسطين، وإصرارا على العودة إليها مهما طال الزمن .
وهنا لا يخفي قادة ومنظرو الكيان الصهيوني ندمهم على ما تبقى من الفلسطينين في أرضهم بعد النكبة، وربما يعتقدون أن الظروف الإقليمية والدولية الحالية أصبحت ملائمة لتهجير الفلسطينيين من أرضهم ، تمهيدا لإقامة الدولة اليهودية النقية، وبالتالي ، تصحيحا لما اعتبروه الخطأ التاريخي والاستراتيجي ببقاء جزء من الشعب الفلسطيني في وطنه عند تأسيس كيانهم . من هنا ، فإن الممارسات الصهيونية في التطهير العرقي ، والإبادة الجماعية ، والإرهاب الممنهج ضد شعبنا في غزة والضفة الغربية ، والتي تستهدف التهجير وافراغ فلسطين من أهلها، تمثل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، تعتبر عدوانا حقيقيا على الشعب الفلسطيني والدول العربية المجاورة، وتحديدا على مصر والأردن.
لقد أكدت الدولة الاردنية قيادة وشعبا ومؤسسات رفضها القاطع وادانتها المطلقة لهذه المخططات الصهيونية الشريرة ، واعتبارها عدوانا مباشرا، بل واعلانا للحرب ، سنقوم بمواجهتها بكل ما اوتينا من قوة وتصميم. وعلى أصحاب القرار في الكيان الصهيوني أن يقرأوا بعناية تصريحات ومواقف جلالة الملك والحكومة ،وكافة مؤسسات الدولة ، وممثلي القوى والجماهير الأردنية على مساحة الوطن ، التي تقف صفا واحدا وجبهة متراصة، دفاعا عن ثرى الأردن المقدس ومصالحه العليا، ودعما للأشقاء في فلسطين ، مهما كلف الثمن. ولا بأس من تذكير العدو بالوطنية الأردنية، وبالمعارك البطولية التي خاضها جيشنا العربي في فلسطين ،وفي الكرامة الخالدة ، وسطروا من خلالها ملاحم البطولة والفداء دفاعا عن فلسطين والاردن، والتي أظهرت بجلاء معادن الرجال الرجال وبسالتهم وعقيدتهم الراسخة في النصر او الشهادة .
وأخيرا، نقول للعدو، أن الأردن، بشعبه الواحد ومؤسساته العسكرية والأمنية ملتف حول قيادته الهاشمية الفذة ، يشكل صخرة صلبة ستتكسر عليها كافة مخططاتكم العدوانية وأطماعكم الاستعمار ية ، التي لا مستقبل لها . فالزمن لا يعمل لصالح مشروعكم التوسعي ، لا الآن ولا في المستقبل . فاءياكم أن تختبرونا .. او أن تخطئوا الحساب !!
ان البديل أمامكم هو وقف ممارساتكم العدوانية وسياساتكم التوسعية الاستعمارية ، وعقلية السيطرة ، وإذلال الآخرين ، والتفوق العرقي تجاه شعب بكامله، والتي تعشعش في رؤوسكم، والاعتراف بالحقوق التاريخية المشروعة للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشريف، وفق قرارات الشرعية الدولية، التي قام كيانكم على أساسها، وبشرط تطبيقها ، اي أن شرعيتكم مرتبطة أساسا بإقامة الدولة الفلسطينية.وخلاف ذلك ، فلن تنعموا بالأمن والسلام ، ولن تستطيعوا أن تكسروا إرادة الفلسطيني والشعوب العربية في المقاومة والكفاح من أجل الحرية وكنس الاحتلال ، مهما طال الزمن . ففلسطين الآن أصبحت أيقونة الحرية لدى شعوب العالم !. ولتعلموا ان استمرار جرائم القتل والإبادة الجماعية ستؤجج حالة المواجهة، وستخلق اجيالا قادمة أكثر قوة وعنادا وتصميما على مواصلة الصراع حتى تحقيق الأهداف. هذه هي الحقيقة التاريخية الراسخة . فقفوا وفكروا قبل فوات الأوان! ..
* عضو مجلس الاعيان