الغطرسة الإسرائيلية .. (أكون وغيري لا يكون)
د. ضرار مفضي بركات
22-11-2023 01:03 PM
لا زالت الغطرسة الممزُوجة بالقتل والإجرام والإبادة الجماعية على مرأى العالم، لا رادع ولا وازع! وكأن أمريكا باتَ يحكُمها الإسرائيليون!؛ ليخرجَ نتنياهو بتبجح وبأكاذيب هو وعصابته، في تأليب الغرب؛ لحشد الجهود السياسية وغيرها؛ ليُغرق ويَغرق في المزيد من القتل والإجرام الجماعي. فبعدَ قصف المُستشفيات وكوادرها، أصبحَوا يَستغلونها دروعاً بشرية؛ حمايةً لهم، وللتقدم العسكري الإجرامي، ولاتخاذها ذرائع؛ لتبرير قصفهم للمستشفيات، ولتبرير فشلهم على المستوىَ العسكري والسياسي والأخلاقي، كيف لا؟! وهو مُتجذر لديهم، منذ أمدٍ بعيد بمنهج: "صنعُ الأحداث واستغلالها"؛ لخدمة مصالحهم، وتنفيذ خطط الاستيلاء، بكل الطرق الإجرامية، بل باتَ هذا علناً بالتحفيز المستمر صراحةً وتطبيقاً: (أقتل ولا تتورع في أحد).
فمن رسائل نينياهو؛ لكسب تأييد أعضاء الكنيست، والمُحفزة على الإجرام، رسالتهُ إلى الجنود الإسرائيليين في غزة، والتي أكثرَ فيها الاقتباس من التوراة؛ لتحريضهم ضد قطاع غزة. ومُخاطباً الجنود: (أذكر ما فعله بك عماليق)؟!.. وهذهِ الفقرة من سفر التثنية نصها: (اُذْكُرْ مَا فَعَلَهُ بِكَ عَمَالِيقُ فِي الطَّرِيقِ عِنْدَ خُرُوجِكَ مِنْ مِصْرَ).. ويُمثل العماليق ذروة الشر في التقاليد اليهودية، ويستخدم هذا التعبير؛ للإشارة إلى الشعوب التي تُهدِّد الوجود اليهودي، وكان قد استخدمه نتنياهو أكثر من مرة في تحفيز الجيش الإسرائيلي في حربه ضد قطاع غزة)).. ومنهُ في كتاب صموئيل، الفصل 15، تقول الآية 3: “والآن اذهب واضرب العماليق وحرموا كل ما لهم ولا تعفوا عنهم. بل اقتلوا على السواء الرجلَ والمرأةَ، الطفلَ والرضيعَ، بقراً وغنماً، جملاً وحماراً”... كما اعتبرَ نتنياهوُ في رسالته أنَّ (هذهِ حربٌ بينَ أبناء النور وأبناء الظلام، لن نتوقفَ عن مهمتنا حتىَ يتغلب النور على الظلام”.. نقلاً عن مقال: (اقتلوا رجالهم ونساءهم وأطفالهم، على موقع: القدس العربي، 3/11/2023م، https://www.alquds.co.uk).
وأقول: أيُّ ظلامٍ أكثر من هذا الظلام؟! فهم عينُ الظلام والظلم، بما فيهِ من تبجح وإجرام، وقتل وقمع وترويع، ونقضٍ للعهود والمواثيق، ومكر بالليل ومكر بالنهار، وزرع الفتن، والفُرقة، وبث الخوف والخَرف، وإيقاد الحروب بكل أنواع الأسلحة الأمريكية؛ لقتل الأبرياء العُزل، في بيوتهم، حتىَ وهم جرحىَ أو مرضىَ يُواجهونَ القتلَ أو الترويع، كما في (مُستشفى الشفاء والأندونيسي.. وغيرها) فأينَ المُنظمات الصحية العالمية، كــمنظمة "الصحة العالمية" والأبعاد الحقوقية، التي صدعت العالم أيامَ فيروس " كورونا"؟!.
وحتى من يدعي عليهم نتنياهو وعصابته بأنهم أشرار، كما يزعم، هم أصحاب الحق والأرض يُدافعونَ عن أرضهم وشعبهم، وطنهم ودينهم، فهل هذه المعادلة يفهمها الغير حقيقةً؟ّ! أم دائماً يتخذ شماعة "الإرهاب"، والتعنت بالقرارات، و(الكيل بِمكيالين وزيادة) استعباداً واستبعاداً؛ لأصحاب الحق والأرض؟!. وهل هذا المجرم (نتنياهو وعصابته) يوافق بفكرٍ أو يُصدق بكلام أو ميثاق؟!.
فمن جاء بــ"الهلكوست" المزعومة والمشؤمة، هم من جاءوا بــ "وعد بلفور"، وهم من يتجاهل ويُجهل وغيرهُ – خاصةً المُجتمع الغربي- بقذارة هذه العاطفة: "البلفورية" الإجرامية والمشؤمة والممزوجة بتعنت القرارات الأمريكية المُستمرة؛ تبجحاً وارصاداً؛ للمزيد من خطط الاستيلاء، ونهب الخيرات، وزعزت الاستقرار والأمن والسلم في الشرق الأوسط عامةً، وفي نفي أي طموح للفلسطينيونَ في إقامة دولتَهم، الآمانة والمُستقرة خاصةً؟!.
لذلكَ كم قالوا وقالوا؟! .. ولا فائدة! .. كم قدمَ الشعبُ الفلسطيني من تنازلات؛ لأجل السلام، وحل الدولتين .. ولكن لا فائدة! .. لكن عُذراً على هذا إن كان يُفهم تشاؤم ...!.
لكن الحقيقة المُرة، والتي يَتغافلها الغرب من غير الأحرار، أنَّ هؤلاء اليهود والصهاينة هم مُجرمين، منذُ أن وجدوا على مر التاريخ القديم والحديث؛ فلا تتوَقع من مُجرم هُدنة أو سَلام أو استقرار.. فما هم إلا عصابة: (سيادية سَوداوية، وسُلطوية مُتسلطة ومُتبجحة) لا يحترمون قانون، ولا مُجتمع دولي، ولا أُممي، ولا حتى عُرف دولي أو عالمي، في حالتي الحرب أو السلم!.
كيفَ لا؟ّ! ومن عباراتهم العلنية: (أكون وغيري لا يكون)... ومن عباراتهم:،(السلام مُقابل السلام)... وأيضاً (الأرض مُقابل السلام)... والغريب عندما نسمع قولهم، وقول غيرهم: (أنَّ المشكلة القائمة: هي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ؟!.. في حين أنَّ الصراع لا يكون إلا بين قوتين في العُدة والعتاد، عسكرياً وسياسياً.
فأينَ مُنظمات "حقوق الإنسان"، وأينَ "المحاكم الجنائية الدولية" المُختصة بـــــ-جرائم الإبادة، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الاعتداء-؟!.. وإن كانَ هذا السؤال مألوف ومعروف؟! لكن لا بدا من القول: بأنهم عصابة بين التحفيز، والاستغلال، وبين الخوف إستثماراً؛ للأقوى الذي يلوح بالعصا والعزل من المناصب..!. منهج القوة والغطرسة الإجرامية، التي لا رادع ولا وازع لها، ولا ضابط قانوني -دولي أو عرفي-، لا تفهم إلا منهج الرد بــ"القوة والإلجام والتحجيم".
- قال تعالى: (ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) (60: الحج).
- وقال تعالى: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (190: البقرة).. وقال تعالى: (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) (194: البقرة).
فهل هناك أجمل وأعظم مما أنزلهُ الله -جل وعلا- في كتابه العزيز "القرآن الكريم" من رحمةٍ وعدل، وقانون دفاعاً عن الحقوق الإنسانية، والجغرافية، والدينية، بمبدأ: (الثبات والعزم والرشد والنصح، وعدم الاعتداء وعدم الاستغلال أو الغطرسة) وبمنهج الجهاد في سبيل الله تعالى؛ دفاعاً عن الأوطان، والتضحية والفداء؛ نصرةً للمظلومين، وأصحاب الحق، وهذا هو عين: "حقوق الإنسان" وتحقيق -العدل والعدالة- الحقوقية والإنسانية.
فأينَ السياسة الإسرائيلة المتغطرسة والسياسات الأمريكية والغربية من هذا؟!. فما هم إلا شرٌ قائم، ودوعاة للشر؛ خدمةً لمصالحهم، وأطماعهم، ونصوصهم المُرعبة والمُحفزة؛ لمزيدٍ من الإجرام والقتل والسلب.. فأي عاطفة دينية هذه؟! وأي عاطفة بــ"لفورية" هذه؟!. تدعوا للقتل والإجرام، والتحفيز على قتل كُل مَعاني الحياة الإنسانية، طَفلاً أو امرأة أو شيخ أو مريض أو جريح، وحتى المسعف لهم، والصحفي المُظهر لهم- بل والتحفيز على قتل الحيوانات وحرق الطبيعة، بل وتحريف كل معالم اللغة والدين وطمس الثقافات والحضارات؟!. فأي غطرسةٍ هذه؟!.
نعم، هي غطرسة أعداءُ الحياة والحضارة الإنسانية، والفكرية، والطبيعة؛ منهجهم: (أكون وغيري لا يكون).
لكن (والله وبالله وتالله) أنَّ ما تُقدمهُ "غزة العزة"، "غزةُ هاشم" ما هو إلا ويُسطر كل أروعَ البطولات وكل أنواع الفداء والتضحية؛ مقاومةً ودفاعاً عن شعبهم، ووطنهم، ودينهم؛ لأنهم حق، وعلى حق، وسيعود الحقُ بعون الله تعالى وتوفيقه لأصحابه، بل ودفاعهم هذا هو عن كل أحرار العالم من الشرفاء .. فنسألُ الله تعالى أن يصبرهم وأن ينصرهم، وأن يحفظهم جميعاً، اللهم آمين.. ولا نقولُ إلا حَسبُنا وحَسبُهم وحَسبُ كلُ مُسلمٍ، هو الله -عز وجل- ونعمَ الوكيل.