للتوجيهات الملكية بالتعاطي مع مشروع الناقل الوطني للمياه كأولوية وطنية أهمية استثنائية من حيث الدلالات والتوقيت.
فسواء كنا نتحدث عن معالجة أزمتنا المزمنة في المياه، أو تحقيق اعتمادنا على الذات، أو تعزيز موقفنا السياسي داخليا وخارجيا، يشكل الناقل الوطني المشروع الأبرز لتحقيق تطلاعتنا الوطنية.
ليس هذا فقط. فقيمة المشروع تبلغ 3 مليارات دولار، أي حوالي 6% من الناتج الإجمالي. وهذا يعني دعما للنشاط الاقتصادي وخلق آلاف فرص العمل.
التحديات أمام المشروع لا تتوقف عند صعوبات التمويل والتنفيذ، كما هو الحال بالنسبة لباقي المشاريع الاستراتيجية والكبرى.
ذلك أن نجاح المشروع وجدواه يعتمدان على كميات كبيرة من الطاقة الإضافية. وعليه، فإن من المهم أن يرافق المشروع جهد موازي لزيادة استيعاب الشبكة الكهربائية للطاقة المتجددة، وربما العودة للتفكير بخيار الطاقة النووية، ولو على نطاق أضيق مما جرى التفكير به سابقا.
بحسب وزارة المياه، تم بالفعل ضمان / تأمين 2.7 مليار دولار من إجمالي قيمة المشروع البالغة 3 مليار دولار، على شكل منح وقروض.
ومن الممكن أن تفكر الحكومة، في سبيل تأمين ما تبقى من تمويل، باللجوء إلى البنوك المحلية، مع السماح لها باستخدام احتياطياتها الإلزامية مقابل تخفيض سعر فائدة الإقراض وإطالة عمر الدين، أو حتى طرح سندات بدون سداد خصيصا لهذا الغرض.
ويبقى التذكير بأن تأمين الأردن لمنح وقروض بقيمة 3 مليار دولار يمكن أن يضع مسار الدين العام في اتجاه تصاعدي مقلق اذا لم نستمر بضبط الموازنة والحفاظ على الاستقرار المالي والنقدي.
أيضا هناك مخاطر التنفيذ التقليدية التي واجهتنا في الأردن تاريخيا في جميع المشاريع الكبرى، ومن ضمنها الفساد والتأخير والمفاجآت خارج السيطرة والتوقعات.
نجاح هذا المشروع هو مجموعة نجاحات واستحقاقات متأخرة في مشروع واحد. وهو أيضا كسر لحلقة ممتدة من التردد ومحدودية الإنجاز في المشاريع الكبرى والاستثمارات الحكومية.
وبذات المعنى، سيشكل نجاح هذا المشروع حافزا للمانحين والدائنين والشركاء من القطاع الخاص بتمويل المزيد من المشاريع الكبرى، والعكس صحيح.
بحسب تصريحات وزارة المياه، الناقل الوطني هو المشروع الأضخم بتاريخ المملكة. حجم المشروع وتفرعاته وأهمية نجاحه تسمح باعتباره مشروع المئوية الثانية للدولة الأردنية.