نعم ، الموقف الأردني من القضية الفلسطينية العادلة تاريخي و صلب ، وكل الحروب التي خاضها الجيش العربي الأردني الباسل في اللطرون و باب الواد و القدس عام 1948 ، وفي عام 1967 ، و في عام 1968 ، وفي عام 1973 كان عنوانها القومي النهائي تحرير فلسطين الى جانب الأراضي العربية المحتلة ، ولقد خسر العرب معركتين مع ( إسرائيل ) 1948 / 1967 بسب غياب التسيق العربي و الوحدة العربية وضعف السلاح آنذاك و الاستخبار كذلك .
و اعترفت الأمم المتحدة لإسرائيل بحدود عام 1948 بعد التفاف الصهيونية عليها ،و طالبت ( إسرائيل ) بمغادرة حدود عام 1967 عبر قرارها 242 ، و بهدف اقامة دولة فلسطين و عاصمتها القدس الشرقية ، و ليعم السلام بين العرب و ( إسرائيل ) بعد سنوات على قرار تقسيم قلسطين عام 1947 الذي رفضه العرب ، وربح الأردن معركة الكرامة عام 1968 عندما استهدفت ( إسرائيل ) فلسطين والأردن معا ، وكان جاهزا لها استخباريا و عسكريا رغم ميول الميزان العسكري صوب العدو حسب قول لبطلها الميداني مشهور حديثة الجازي ، وفاز الأردن و العرب في معركة تشرين 1973 بتحرير مساحات واسعة من مدينة القنيطرة الجولانية، ولم يذهب الأردن الى السلام مع ( إسرائيل ) أولا ، بل انتظرت مصر الشقيقة الكبرى التي وقعت سلامها و أعادت سيناءها بعد معاهدة كامب ديفيد 1978 / 1979 ، ووقع الأردن معاهدة السلام في وادي عربة عام 1994 حماية لحدوده الجغرافية و لحقوقه المائية، و لكي تشكل درعا لأمنه الوطني ، و لخدمة الأشقاء الفلسطينيين و قضيتهم العادلة – قضية العرب مسلمين و مسيحيين . ووقعت دول عربية أخرى مثل الأمارات و البحرين و المغرب السلام مع ( إسرائيل ) تباعا عام 2020 ، و حاولت ( إسرائيل ) و أمريكا الالتفاف على المملكة العربية السعودية لتوقيع سلام بحجم كبير ، لكن الحرب في غزة أوقفت المشروع ، ومنحته مهلة من الزمن للتفكر ، وهو ما تعتبره ( إسرائيل ) خسارة كبرى لها بعد حربها الفاشلة في غزة .
ووقف الأردن الى جانب مصر الشقيقة بصلابة ضد محاولة تهجير الفلسطينيين ، فمصر أعلنت بأنها تريد المحافظة على السلام الذي وقعته ، و يقف الأردن بصرامة ضد مشروع " الوطن البديل " المرفوض لديها بحكم النسيج الديمغرافي المتداخل ، و حفاظا على الهوية الأردنية لتقابلها هوية فلسطينية غربي النهر ، ومنذ اندلاع حرب غزة بتاريخ 7 / أكتوبر دعا الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله لوقف القتال الدائر حالا ، و لتقديم العون الإنساني و الطبي لأهلنا في غزة و في فلسطين عموما ، و بذل جهودا مضنية في كافة المحافل الدولية من أجل ذلك، و لازال الأردن قلقا على مصير الفلسطينيين الأشقاء في غزة والضفة الغربية، و يدين بغضب شديد حرب الأبادة التي قادتها ( إسرائيل ) ضد الفلسطينيين الأبرياء في غزة ، و تسببت فعلا في مقتل أكثر من 13 الف فلسطيني نصفهم تقريبا من الأطفال ، و هي التي أطلق عليها جلالة الملك مصطلح " جريمة حرب " ، و هي كذلك .
والرد الإسرائيلي النازي على هجمة حماس المباغته مبالغ فيها و يندى له الجبين ، و على ( إسرائيل ) ألا تنسى بأن حماس حركة فلسطينية عربية اسلامية تحريرية دفاعية ، و هي أيدولوجيا و تنظيم فدائي فلسطيني بطل يدافع عن الأرض و العرض و الشرف و الكرامة ، و لا يجوز نعتها بالإرهاب ، و تشبيهها بتنظيم الدولة ، وكلنا نعرف بأن ( إسرائيل ) مستعمرة نازية ارهابية عدوانية لا تفهم حتى لغة السلام ، وهي ممعنة بالارهاب و الظلم ، و لا تحترم توقيع العرب السلام معها ، وهي من قدمت الخدمات الطبية لتنظيم " الدولة – داعش " وسط حراك الربيع العربي بعد عام 2011 ، وهي أيضا من وقفت وراء أحداث 11 / سمبتمبر عام 2001 ، و الأدهى هو وقوف الولايات المتحدة الأمريكية الى جانب ( إسرائيل ) في حرب غزة بدلا من لعب دور الوسيط و المحايد و الموضوعي كما روسيا الأتحادية ، و مطالبة أمريكا عبر مجلس الأمن ووسط العرب باستمرار الحرب رغم ارتفاع أرقام شهداء فلسطين يوميا .
واختلفت لهجة و لغة سلام الأردن ، فلم تذهب الى نعت المقاومة الفلسطينية بالارهاب ، ووصفت العدوان الإسرائيلي بالهمجي علنا ، و عدوانه على الشعب الفلسطيني إبادة و ظلم ، و لم تتفق مع حق ( إسرائيل ) بالدفاع عن النفس كما أعلنت ، و أبقت حق الدفاع عن النفس للفلسطينيين أصحاب الحق و القضية العادلة ، و هو الأصح كما أعتقد شخصيا ، فلا حق للدفاع عن النفس لمحتل غاصب خاصة فوق الأراضي العربية التي احتلت عام 1967 ، و اعترفت بها الأمم المتحدة و مجلس الأمن حقا تاريخيا للعرب ، فما بالكم و حركة التحرر العربية الإسلامية الباسلة حماس التي لا تعترف بإسرائيل بالمجمل ، ويقبل ميثاقها الجديد بالدولة الفلسطينية و عاصمتها القدس الشرقية و بحق العودة؟..
و انفرد الأردن و بإصرار مباشر من قبل جلالة الملك بإعادة إقليمي ( الباقورة و الغمر ) و تحريرهما من فكي معاهدة السلام من دون شروط مسبقة ، وجاب الدول الأوروبية و أمريكا بهدف ايقاف حرب غزة فورا ، و التي هي حرب بربرية شرسة استهدفت شعب فلسطين عبر قتله و تهجيره ، و لا خوف لدينا في المقابل من المواجهة الفدائية الفلسطينية المقاومة الباسلة مع الجيش الإسرائيلي الجبان ، فحرب المقاومة استنزافية ، و حرب أنفاق و شوارع ووسط البحر، و نعرف مسبقا بأن ميزان القوى العسكرية ومنها النووية لصالح ( إسرائيل ) بطبيعة الحال ، و بأن المقاومة الفلسطينية الباسلة و ليس كلها في ميدان المعركة ، و تنفرد ( إسرائيل ) في القتال معها في ظل عدم اتخاذ العرب لقرار قتال مقابل ، وتستنجد ( إسرائيل ) بالغرب الأمريكي الذي توجهه مؤسسة ( الأيباك ) اليهودية – الأمريكية – الصهيونية ، و تحقق لها ذلك .
وها هي المستشفيات الأردنية الطبية العسكرية تنتشر في غزة و في نابلس و في العريش بتوجيه ملكي مباشر قاده جلالة الملك و أشرف على أعماله مباشرة صاحب السمو الملكي الأمير الحسين ولي العهد، و تصريحات جلالة الملكة رانيا العبدالله المساندة للشعب الفلسطيني و التي أوضحت بأن سبب الصراع هو الاحتلال و تجاهل القانون الدولي ، ووقوفها مع وقف اطلاق النار ، لا قت استحسانا لدى الرأي العام الفلسطيني و العربي و العالمي .
والمكالمة الهاتفية التي أجراها جلالة الملك مع المستشفى الميداني العسكري في غزة للإطمئنان على صحة العاملين فيه استقبلها الأردنيون بترحاب ، وسبق لجلالة الملك أن نادى من وسط مؤتمر العرب بالقاهرة بتاريخ 21 / تشرين الأول / 2023 بالتمسك بنص العهدة العمرية و سط الاشتباك الجاري ( لا تقتلوا طفلا ولا إمرأة و لا كبيرا في السن ، و الا يقطعوا شجرة و الا يؤذوا راهبا و الا يدمروا كنيسة)، وأعرب جلالته عن غضبه لإستهداف مشفى غزة الأردني الميداني من قبل (إسرائيل ) .
ويستمر الأردن ليل نهار بتوصيل المساعدات الإنسانية للأشقاء الفلسطينيين، وفي المقابل تطالب النخبة السياسية الأردنية المعارضة و صاحبة الرأي الآخر الوطني الحر الجريء بوضع كافة المعاهدات مع " إسرائيل " فوق طاولة النقاش الوطني، و هو حق مشروع ، فلقد طفح الكيل ..