نحن الأردنيين شعب مضياف، ولا نمل من الضيوف والحديث إليهم، نحن نعشق السهر وبالأخص "التعليلات" وعند انتهاء "ألتعليله" وعندما يهم الضيف بالذهاب، نقول له "بكير.. والله بعدها بكير"، يكون الليل قد انتصف أو أن الصبح أوشك على أن يتنفس، ونحن نزداد إصرارا على أن "بعده الليل بأوله...والله بكير"، يهلك الطرفان ونصر أكثر على أن الوقت "بكير...والله بكير" ولا يقتصر الأمر عند هذا الحد بل يتعدى الأمر لحد الإمساك بالضيف من "ثيابه...يا زلمه بكير"، وعندما نرى أن الضيف مصر على الرحيل نتحجج " طيب فنجان قهوة" عند هذا العرض يقبل الضيف لانه يعني أنّ ما عاد هناك شيئا لدينا لنضيفه، ويعود الحديث من حيث بدأ "أيوه ابو محمد كيف صحتك، وشلون العيال".
شعرت برغبة جامحة وأنا أقرأ المقابلة التي جرت مع السيد بينو مدير مكافحة الفساد بأن اتصل به واقول له "بكير... والله بكير" بعد أربع أشهر يخرج علينا ليقول أن الملفات التي بحوزته بين ناقص وبين "ناصح" وبين غير مفهوم...والله بكير.
والمؤلم أيضا تسعيرة الترجمة التي لا يقبلها منطق فرئيس هيئة المكافحة يقول أن كلفة ترجمة الورقة بـ 15 دينار والله "كثير مش بكير" حتى تظن أن في الأمر شبهة فساد..."والا شو رايكو؟!".
والأمر لا يقف عند الملفات التي تم تحويلها إليه بل يصل أيضا إلى دائرة مكافحة الفساد نفسها، فالموازنة غير كافية، وعدد الموظفين غير كافي، وكل قضية تحتاج إلى خبراء في نفس مجال القضية، فقضية "موارد" تختلف عن "سكن كريم"وهكذا دواليك..."أو دوى إلنا...!!!".
يا سعادة اللواء سميح بينو أنا لم أسمع عنك من أردني عرفك إلا كل خير،ولكني لم أستطع أن أكبت جماح قلمي عندما قرأت المقابلة التي تمت معك...وعلى الرغم من حجم النزاهة التي تحيط بك إلا أن لي سؤال بسيط أرجو أن تتحمله :" بعد أربع أشهر مش بكير والله ؟!".
أخاف بعد كل هذه المسيرات وهذا الفساد أن نرجع من حيث بدأنا ونعود لنسأل: "كيف صحتك وشلون العيال؟".
qusainsour@yahoo.com