أيها الشاب المجري، يا مؤسس الحركة الصهيونية العالمية ومنظرها. اسمح لي (وأنت ترقد في قبرك منذ أكثر من قرن) أن أقتبس بعضاً مما جاء في كتابك المعنون "دولة اليهود" الذي استكملت إعداد صفحاته عام 1895.
ولكن سأقتبس ما اريده من كتابك بتصرف. سأسقط بعض مما قلت في كتابك عن القضية اليهودية على القضية الفلسطينية، إن الاضطهاد والقمع الذي يمارسه الكيان الصهيوني على الفلسطينيين لن يؤدي إلى إبادتهم وفنائهم، إن اضطهاد الكيان الصهيوني للفلسطينيين يخلف بطبيعة الحال عداوة ضد الكيان وتتفاقم عداوتهم هذه مع زيادة الضغط عليهم والتنكيل بهم، إن أغصاناً كثيرة من الشجرة الفلسطينية قد تذبل وتسقط أما الجذور فباقية، لا يمكن تصفية القضية الفلسطينية طالما كانت أسبابها قائمة، وحين تستيقظ الأمم المتحضرة وترى عدم الإنسانية في التمييز، الذي يقويه عجز مجلس الأمن، ضد الفلسطينيين فإن هذا الاستيقاظ سيحرر الفلسطينيين من القيود المفروضة عليهم ومن الاضطهاد الواقع عليهم.
لقد افترضت في كتابك أن فلسطين، في مفاضلة بينها وبين الارجنتين، هي الوطن القومي الأمثل لليهود وأنها أرض بلا شعب لشعب بلا أرض. وزعمت انت وصهاينة العالم أن فلسطين هي(أرض الميعاد)، وأن إنشاء الوطن القومي لليهود في فلسطين أفضل من إنشائه في الأرجنتين، لكنك لم تدرك وأنت تخط صفحات كتابك أن فلسطين هي أرض للشعب الفلسطيني وليست أرضاً بلا شعب.
أرجو أن تصلك رسالتي هذه لتعلم بأن الكيان الصهيوني (الذي يدعمه كل صهاينة العالم بغض النظر عن ديانتهم) قد أوغل في القتل والتدمير، هدم المدارس والمساجد والكنائس والمشافي في غزة، وقتل الابرياء من النساء والاطفال بحجة الدفاع عن النفس.
هذه الحجة الواهية التي يتبناها بعض ساسة الغرب وساسة أمريكا وحتى الهنود الصهاينة المتجنسين بالامريكية والانجليزية لتبرير جرائم المعتدي لن تنطلي على العالم المتحضًر. إن حرب القتل والتدمير التي يشنها الكيان الصهيوني على غزة هدفها كسر ارادة الشعب الفلسطيني، ولكن إعلم يا ثيودور هيرتزل، ان المقاومة الفلسطينية عقيدة، وأن العقيدة لا تموت وأن البطش والتدمير الذي تمارسه آلة القتل الإسرائيلية لن تحقق الأمن لإسرائيل، وأن دوام الاحتلال من المحال، وأن العودة لطاولة المفاوضات والاعتراف للشعب الفلسطيني بحقه في إقامة دولتة على تراب فلسطين وعلى حدود الرابع من حزيران من عام 1967 هو الذي سيحقق الأمن لإسرائيل.