اليوم العالميّ لسُقوط الطّفولة
د. لينا جزراوي
20-11-2023 12:12 PM
كانت فِكرة ذكيّة جدّا، وراقية جدّا أن يُخصّص العالم "المُتحضّر" يومًا عالميّا للطّفل ويحتفِل به في ال 20 من نوفمبر من كلّ عام، والّذي يُصادِف اليوم، لمَ لا؟ وهو يومٌ لا يأخُذ بعين الاعتِبار حقوق الطفل الفلسطيني، فالغرب المُحتفِل اليوم بالطّفولة يبدو أنّه لا يرى أطفال العالم بنفس العَين الّتي يرى بِها أطفاله، وهذا لا يحتاج لنِقاش ونحن نشهد مَجازرهم بحقّ أطفالنا في غزّة يوميّا.
فكرة طريفة حقّا أن يحتفِل الغرب العُنصري باليوم العالميّ للطّفل، وهو يقتُل، ويقصِف، ويبتُر أطراف أطفال غزّة يوميّا، لذلك أقترِح تغيير إسم هذا اليوم ، ليًصبِحَ : " اليوم العالميّ لأطفال العالم، باستثناء أطفال غزّة، وأطفال العالم العربي برُمّته"، فثقافة الرّجل الأبيض وعقيدته، لا تشمل أطفالنا بالتأكيد ، فهُم لم يكونوا يومًا في حِساباتِهم، ولا تعنيهُم طفولتهم، فماذا يقصِدون باليوم العالميّ للطّفل، وما شكل الطفل الذي يَحتِفلون باليوم العالميّ لحقوقِه، وحياتِه، وما هو تَعريفهُم للطّفولة؟، عليهِم أن يوضّحوا ذلك !..
أمّا نحن، واعتِبارًا من اليوم فسيكون لنا يومًا عالميًّا للطفل الفلسطيني، الطّفل الذي كبر قبل أوانه، وأصبحت لُعبته المُفضّلة هي السّلاح ليَحمي نفسه وعائلته، وأصبحت قصّته المُفضّلّة هي قصّة الشّهادة ،وهو ينتظِر دوره على قائمة الشُّهداء، هذا هو الطفل الفلسطيني في غزّة الذي أصبح همّه أن يكبر بسرعة ليُصبِح مُقاوِمًا لاحتلالِكم، وليأخذ حقّه وحقّ أخوته مِنكم، ويستعيد بعدها طفولته ليحتفِل بِها،
فأطفالنا في فلسطين منذ زمن طويل عمره اكثر من 70 عامًا قد نسوا تمامًا معنى الطّفولة ، وتوقّفوا عن انتِظار الأب العائِد من عمله حاملاً معه كيس الكاندي، وانتِظار الأم التي تُعدّ لهم وجبة البانكيك المُفضّلة ؛ كأطفالِكُم، أطفال غزّة وفلسطين توقّفوا منذ زمن طويل عن انتِظار العيد حامِلًا معه الهدايا، فلا وقت لديهم لهذه التّفاهات لأنّ هَمّهم اليوم ربطة خُبز يَحصلون عليها بعد الوقوف في طابور المخبز الطويل بدل طابورِ مَدرستِهم الّتي هدمتوها ، وهمّهم أيضًا عُبوات فارِغة يملأونها بالماء المُلوّث برصاص، وبارود قنابِلكم الحَضاريّة ، لتروي عطشهم .
لقد اغتلتُم طفولتهُم، وسرقتُم ماءهم، وخُبزهم، وقتلتُم أهلهم وأحباءهم، وهدمتُم بيوتهم ومَدارسهم فوق رؤوسِهم؛ وبكلّ وقاحة تَحتفِلون باليوم العالميّ للطّفل !!..
فهنيئًا لاطفالكم باليوم العالمي للطِّفل، أما اطفالنا في غزّة ،وفلسطين فهُم يعرِفون كيف يَصنَعون يومًا عالميًّا لهُم ، بعد أن يَستعيدوا مِنكم أيّامهم، وأعيادهم التي سرقتوها، مثلما تُحاولون سرقة أرضهم، وتاريخهم.
واعتِبارًا من اليوم علينا بدلاً من الاحتفال باليوم العالميّ للطّفل - باستِثناء الطّفل العربيّ - فلنحتفِل باليوم العالميّ لسقوط الغربِ وشِعاراتِه الزائفة ، والعنصريّة، وليكُن تاريخه هو ال 20 من نوفمبر من كلّ عام.