رحلتي من الإعلام إلى السياسة
د.حسام العتوم
20-11-2023 10:49 AM
بداية لا توجد مسافة فاصلة بين الإعلام والسياسة، بل تشابك واشتباك دائم، والإعلام أي السلطة الرابعة منصة حقيقية صوب السياسة و الدبلوماسية كذلك الممثلان حتما للسلطة الأولى التنفيذية، ومن يعمل في الإعلام يراقب السياسة والدبلومسية وكل السلطات، و يمارس النقد من أجل البناء والقدوم بالجديد ، و شخصيا أحببت الصحافة على مقاعد الدراسة الثانوية وتميزت في الإنشاء، و لا زال أستاذي محمد اليوسف الفارس العتوم أعطاه الله العافية يذكرني بذلك، لكنني اكتشفت بأن الإنشاء وحده لا يكفي وهو يحتاج لإحتراف في قواعد اللغة العربية، وممارستي للصحافة لاحقا تطلبت مني البحث عن الحقيقة وما وراءها و المكاشفة بها ، ولقد توجهت بداية للدراسة في دمشق ، و استبدلتها و اخترت العاصمة موسكو زعيمة الاتحاد السوفيتي لدراسة الصحافة، فتحقق لي أن أدرسها في جنوبها في مدينة فارونيج مجانا على شكل منحة دراسية مشكورة، وعشت حياة كافة الفصول الروسية الجميلة ، وتعرفت على حضارة و تاريخ روسيا السوفيتية آنذاك، والتحقت بعدها بخدمة العلم في التوجيه المعنوي في سلك قواتنا المسلحة الأردنية الباسلة، ولأن الكتابة الصحفية ممنوعة كتبت بتوقيع "بطرس"، وهو الإسم الذي اختاره والدي لي مبكرا بعد اقترابه بحكم الصداقة من عائلة الحمارنة المسيحية المحترمة، ولم يكن لقبا كما يعتقد البعض أو يحلو لهم ترويجه، وهو الإسم الذي استبدله الشيخ موسى الفضيل العتوم رحمه الله وهو من خيرة شيوخنا الأعزاء ،وهو مشكور ، ولو بقي الإسم على حاله لا توجد مشكلة -كلنا مسلمون لله- .
ولقد خضت معترك الصحافة الميدانية في جريدة الدستور الأردنية العريقة بعد عودتي من مرحلة الماجستير ، وحققت فائدة كبيرة على يد أستاذي أحمد جميل شاكر ، وشعرت وقتها بسعادة كبيرة أثناء تغطيتي لأخبار عمان، ولقد كلفني في ذلك الوقت المرحوم الدكتور نبيل شريف بزاوية (على الهاتف) لمتابعة تصريحات المسؤولين، وحققت عبرها نجاحا مميزا، وأذكر أثناء متابعتي الميدانية الحثيثة لوزارة الأشغال من خلال الزاوية، هبط صوبي من مكتبه لشكري الأستاذ سيف الشريف نقيب الصحفيين والمدير العام .
وتكليف أبو شاكر رئيس قسمي للمندوبين لي للمشاركة في تغطية خطاب جلالة مليكنا الراحل العظيم الحسين بن طلال طيب الله ثراه تحت قبة البرلمان عام 1988 ، فتح المجال أمامي للتعرف على السفير السوفيتي بعمان سيرجي كيربيجينكو رحمه الله و الحصول على منحة دكتوراة في الإعلام أسعدتني كثيرا، و اخترت جريدة الدستور عنوانا للرسالة التحليلية وسط منظومة الصحافة الأردنية المعاصرة ، ومثلما درست في جامعتين ( فارونيج و موسكو ) الروسيتين ، درست الإعلام في جامعة حملت إسمين ( البنات و البترا ) منذ عام 1995 .
في التدريس الجامعي قدمت المحاضرات على الأبحاث لفترة طويلة من الزمن ، و ربطت المحاضرات الإعلامية بالميدان الأردني عبر تنظيم رحلات و لقاءات مع المسؤولين الإعلاميين الأردنيين ، و تمكنت من إستضافة أعداد منهم إلى داخل الصفوف ، ومن بينهم إثنان من الوزراء السابقين ، و غيرهم على مسرحي الجامعة عبر حوار البترا ، ثم عدت للإبحاث العلمية رغم صعوبتها ، و تشكل لدي مجموعة معتمدة منها ، ومنها باللغة الروسية ، وهي على سبيل المثال لا الحصر والتي معظمها في مجلات سكوبس العلمية العالمية ( الصحافة الإلكترونية وتشكل اتجاهات الجمهور نحو قضايا المجتمع " مشترك " 2022 ، تغطية صحيفتي الرأي و السبيل لإضراب المعلمين في الأردن 2019 2021 ، مسائل تدريب الأجانب في الكليات الطبية في فترة كورونا " مؤتمر جامعة فولغاغراد " 2022 ،برامج الصحافة و الإعلام و جودة التعليم " تحت النشر " ، المشكلة الفلسطينية – الإسرائيلية على صفحات صحيفتين روسيتين مشهورتين 2023 ، و أهمهم بالنسبة لي وللأردن بحث اضراب المعلمين 2019 المنفرد والذي اعتمدته الجامعة الأردنية ونجح، وسوف يصدر إلتكرونيا صيف عام 2024 ، وهو الذي ينتظره الكثيرون وسط شريحة المعلمين و نقابتهم السابقة و أركان الدولة الأردنية و النخبة السياسية و المثقفة في الأردن و في بلاد العرب .
وشاركت بعدة مؤتمرات في روسيا الاتحادية في العاصمة موسكو و في مدينة سوتشي، وكان آخرها مؤتمر صندوق مؤسسة "روسكي مير" الخاص بنشر اللغة الروسية بتاريخ 3112023 ، والقيت فيه كلمة الأردن و روسكي مير وطالبت برفع سوية اللغة الروسية في المدارس الأردنية وفي الجامعة الأردنية بالذات، التي سبق للصندوق أن أسس فيها زاوية للغة الروسية وتطمح لكي تتحول الى مركز شامل متكامل يتضمن مختبرات وصفوف للطلبة ومكاتب للمدرسين .
ومنذ عام 2013 جنحت للتخصص في السياسة الروسية الدولية ، و فتحت من خلاله مسارا هاما الى جانب تدريس الإعلام و أبحاثه ، فحققت نجاحات كبيرة في مجالها على مستوى الأردن و العرب ، فصدر كتابي الأول " روسيا المعاصرة و العرب" عام 2016 ورعى احتفاله حينها دولة الدكتور عدنان بدران والسفير الروسي السابق بوريس بولوتين، وشكر صدروه جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله عندما كان دولة فايز الطراونة رحمه الله رئيسا للديوان الملكي العامر، وكتاب ثاني صدر لي عام 2020 بعنوان "الرهاب الروسي غير المبرر" طلبت رعاية ملكية له لكن ظرف كورونا عام 2019 2020 لم يسمح بذلك، وكتاب ثالث هذا العام 2023 صدر لي بعنوان "الحربالروسية الأوكرانية ومع الناتو بالوكالة " احتفل نادي ابن سينا لخريجي روسيا والاتحاد السوفيتي السابق بعمان برعاية حفله ، و شكر صدروه صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال حفظه الله، وشارك بشكر كتبي في السياسة الروسية والتحليل في مجالها ثلة واسعة من كبار رجالات الدولة – رؤساء الحكومات السابقين و الوزراء و السفراء ، وكتاب رابع قادم بدأت برسم ملامحه السياسية مبكرا، آخذا بعين الاعتبار الملاحظات السابقة التي رافقت صدور الكتب الثلاثة السابقة .
كنت راغبا قبل خمس سنوات مضت استبدال التدريس الجامعي الطويل من حيث عدد السنوات بالعمل السياسي والدبلوماسي، و اقتربت الفرص الكبيرة مني حقيقة ثم تلاشت وأصبحت في دائرة عمل الصحافة الأردنية مثل "الرأي" و موقع عمون الإخباري والفضائيات العربية مثل "العربية" و "الجزيرة" و الروسية مثل "روسيا 24" و "1" واذاعة الجامعة الأردنية وغيرهم في مجال السياسة الروسية وفي غير مجال .
وكلنا في خدمة وطننا الأردن الغالي و قيادته الهاشمية الحكيمة التي يتقدمها جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله.