عمون - الدكتور محمد أبو عمارة عالم غزير العلم والمعرفة، صاحب عنفوان طموح. نشأ عصامياً اوصلته عصاميته الى مكانة علمية مرموقة. يدير اكثر من مؤسسة علمية.

كان معه هذا الحوار:

س: يقول احد علماء التربية الكبار اننا كعرب لم نفلح في تأسيس تربية مدنية في الوطن العربي، هل توافقه على ذلك؟

- أعارض هذا القول، فبالعكس تماماً فان العرب من أوائل من أسس للتربية المدنية المنطلقة من الموروث الحضاري الكبير المستمدة منه التعاليم الدينية والعادات والتقاليد ولكن الالتزام بتطبيق هذه التربية المدنية تتحكم به السياسات التي لا تعطي الموضوع القدر الكافي من الأهمية.

س: الا ترون ان الدراسات اللغوية والتاريخية احتلت مساحة أوسع في الكتب المدرسية قياساً للعلوم الطبيعية والرياضية؟

- المناهج يجب ان تكون متوازنة بحيث تقدم كل ما تتطلبه المرحلة العمرية من علوم ومعارف وذلك حسب فلسفة الدولة التي تستمد منها الأهداف العامة للتربية والتعليم ومن ثم الأهداف المرحلية الى ان نصل الى اهداف الصف الواحد فالمادة الواحدة فالمدرسة الواحدة.

وبناءً على ذلك فإن الموازنة بين علوم اللغات والآداب والعوم الرياضية والطبيعية ومدى التركيز على كل منها يختلف حسب اختلاف السياسات للدولة.

فهناك من الدول من يولي الجانب العلمي الأهمية اكثر من الجوانب الأخرى وهناك العكس، وهنا استذكر قصة السباق الذي كان يدور بين الروس والامريكان وحينما تقدم الروس على الامريكان في مجال الفضاء فكتبت مقال بعنوان امة في خطر زمن الرئيس رونالد ريغان الذي حوّل مسار المناهج لتركز على الجانب التكنولوجي، وبالفعل وخلال سنوات قلال كان التفوق للأمريكان.

اما نحن ففي بلداننا العربية اعتقد ان البوصلة تائهة بدون مرفأ لترسي عليه لذلك تتذبذب الأهمية مرة هنا ومرة هناك دون هوية واضحة او هدف واضح.

س: ما خطورة النظم التقليدية التربوية على المجتمعات العربية؟

- النظم الاعتيادية لم تعد صالحة لهذا الزمان كون كل تفاصيل الحياة قد تطورت وما كان يصلح بالأمس لم يعد صالحاً لليوم وإن التزمت بالقديم او النظم القديمة لا بُد وانه سيكون العائق الأكبر امام التطور المرجو من تعديل المناهج والأنظمة.

س: لسمو الأمير الحسن بن طلال مقولة شهيرة: "عصرنا علم اكبر وحكمة أقل" كيف تقرأونها؟

- لا شك ان المزج ما بين التطور العلمي والحكمة في تناول مُعطياته وبدائله هي الطريق الانجع لمواكبة هذا العصر. فأرى ان العلم بلا حكمة لا يكون وربما قصد سموه بان العلم اصبح هو القلب النابض للحكمة التي قد تغيب في غياب العلم.

أما انا فأرى ان العلم والحكمة هما ساقان كساقين للرجل إن فقد احدهما اصبح مختلاً وغير صحيح لذا نعيب الفصل بينهما او التقليل من أهمية إحداهما على حساب الأخرى.