(الأيباك) قادت حربا وتوجه الأخرى
د.حسام العتوم
18-11-2023 10:27 AM
يغفل العرب والعالم في ظل اندلاع حربين و سط المشهد الدولي ( الروسية – الأوكرانية ومع " الناتو " بالوكالة عام 2022 ، و في قطاع غزة العام الحالي 2023 ) ، بأن المحرك الرئيسي لهما هي مؤسسة ( الأيباك ) – اليهودية – الأمريكية المؤسسة عام 1953 على شكل لجنة تقاد من قبل الصهيونية العالمية، وهي الحريصة على بقاء أحادية القطب في ظل اتساع رقعة عالم متعدد الأقطاب تقوده روسيا الإتحادية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991، وبعد تحرك العملية الروسية الخاصة الدفاعية الإستباقية التحريرية بتاريخ 24 / شباط / 2022، وهي الحرب الأوكرانية تضليلاً التي يراد لها أن تكون بلا نهاية ، وتماما كما ذكرت ذلك في عنوان كتابي الثالث الصادر هذا العام " الحرب الروسية الأوكرانية ومع الناتو بالوكالة التي يراد لها ألا تنتهي" ، يراد للحرب على قطاع غزة المكلوم ألا تنتهي وبإسناد غربي أمريكي واضح ، وغرفة قيادة الغرب وعملياته تنطلق من ( الأيباك ) – المظلة السياسية والأمنية والإقتصادية واللوجستية للمنظومة الغربية ولإسرائيل، وشتان بين اتهام روسيا بحرب احتلالية لأوكرانيا وهو مجرد كذب وخداع قوبل بمواجهة غربية لروسيا عبر " كييف "، وبين اتهام حماس بمهاجة ( إسرائيل ) من دون سبب مقنع وقوبل بحشود غربية أمريكية بهلوانية سخيفة ، والمعروف بأن روسيا الأكثر تمسكا بالقانون الدولي على حق ، وبأن حماس حركة أيدولوجية تحريرية يقف القانون الدولي الى جانبها والقضية الفلسطينية العادلة عموما .
والأيباك منظمة ولوبي وذات علاقة مباشرة مع جهازي ( البنتاغون – الدفاع والإستخبار ) ، و ( الكونغرس – الأعيان والنواب ) ، وفي التاريخ المعاصر شكلت اللجنة الأمريكية للشؤون العامة عام 1951 قاعدة لها في عهد الرئيس الأمريكي ( إيزنهاور ) ، ومهمة الأيباك الدعاية لإسرائيل ومواجهة الدول الناقدة لسياساتها مثل البلاد العربية وروسيا وتركيا والصين وشمال كوريا . وتتبع تسع وأربعون طائفة أمريكية أعمالها .
لقد قدمت للتو من موسكو عاصمة روسيا الإتحادية، وتوغلت في جغرافيتها صوب الحدود القريبة من أوكرانيا ، ومنذ اندلاع الحرب لم أنقطع عن زيارتها بحكم المصاهرة ومتابعة مؤتمراتها، فشاهدتها مؤخرا هادئة أكثر من أي وقت مضى، والمظاهر العسكرية في المناطق المحاددة لأوكرانيا وسط مدينتي (روسوش وبيلغاراد) نادرة ، وحديث شعبي روسي داخلي بأن الحرب على غزة صرفت أنظار العالم عن الصراع الروسي – الأوكراني الذي استهدف التيار البنديري المتطرف ونظام " كييف " السياسي المتطرف المتعاون مع الغرب الأمريكي ، وبأن الغرب ومعه أمريكا رفعوا أيديهم بالتدريج عن حربهم واتجهوا لإسناد مستعمرة " إسرائيل " في حربها الظالمة على قطاع غزة واستهدافها للمدنيين الفلسطينيين ولحركة حماس التحريرية ، والإنفراد بهما بسبب توزع المشهد العربي بين دول وقعت السلام مع " إسرائيل " وبين دول غير معنية بالسلام ولا بالحرب ، وفي المقابل جاءت هجمة حماس مفاجئة ليس لإسرائيل والعرب فقط ولكن لكل العالم وأجهزتهم اللوجستية ، ورسالة حماس عكست اتخاذها لقرار الكرامة والدفاع عن النفس ، عن شعب الجبارين الفلسطيني الشقيق الذي حدد التاريخ المعاصر مصيره بأن يقع في المواجهة مع كيان احتلالي استيطاني نازي ، هرب من النازية الألمانية نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945 ليطبقها من جديد فوق الأراضي الفلسطينية والعربية .
ومن زاوية المقارنة لا أكثر ، فإن الحدث الأوكراني أدراته الأجهزة اللوجستية الغربية والتي تقدمها جهاز أمريكا ( سي أي إيه ) عبر العبث بالثورات البرتقالية ( الإصلاحية ) المناهضة لروسيا جارة التاريخ ، وساهمت في الإعداد لانقلاب ( كييف ) الدموي غير الشرعي عام 2014 ، وفي الشروع لإنتاج قنبلة نووية في الجناح الغربي الأوكراني ، وقنبلة أخرى قذرة ، وفي تفجير خط الغاز ( نورد ستريم 2 ) ، وجسر القرم وأكثر من مرة ، و في إغتيال صحفيين روس وأجانب ، وفي رفض الحوار الأوكراني مع موسكو وتفكيك اتفاقية ( مينسك ) ، وفي التسبب في مقتل أكثر من 14 الفا من ألاوكران والروس في حرب الدونباس ، وهو الأمر الذي قابلته موسكو بسحب القرم واعادته لعرينه الروسي ، وفي السيطرة على أقاليم ( لوغانسك ، ودونيتسك " الدونباس " ، وزاباروجا ، وخيرسون ) ، ولكي تنتهي الحرب التي تعتبرها روسيا مجرد عملية عسكرية خاصة بقي على موسكو تحرير ( أوديسا وخاركوف ونيكولاي – الدنيبر ) ، ولجم العمليات الفدائية الأوكرانية وما تبقى من تدخلات عسكرية غربية غير مباشرة عبر العاصمة " كييف " .
وفي حدث غزة هاشم بتاريخ 7 / أكتوبر / 2023 البطولي ، وبعدما تحركت حماس دفاعا عن كرامة ليس فلسطين والفلسطينيين فقط ، وإنما عن كرامة الأمتين العربية والإسلامية الى جانب المسيحية ، وكردة فعل على جرائم الكيان الإسرائيلي الغاشم المتكررة ضد شعب فلسطين الجبار ، وعلى أساليب قمعهم المرفوضة، وإستفزازهم في المسجد الأقصى المبارك ، وهدم بيوتهم ، وتهجيرهم ، جاءت ردة فعل ( إسرائيل ) مبالغ فيها ، وقصدت الإبادة وليس تعقب حركة حماس وتصفيتها فقط ، وليس البحث عن عدد من المعتقلين مؤقتا لدى حماس بطبيعة الحال ، والغريب وسط الحدث الفلسطيني – الغزاوي هو الإسناد الأمريكي غير المبرر لإسرائيل المحتلة للأراضي العربية والناشرة للمستوطنات غير الشرعية وسطها ، بينما هي تمثل واحدة من كبريات دول العالم ، بل وتعتبر ذاتها الأكبر والأقوى ، وقطبا أحادياً يضم عواصم الغرب ، والأصل أن يكون عادلا ومنصفا لقضايا شعوب العالم المظلومة ، لكنه اختار المسير بعكس السير والتوغل في الظلم، ومن المؤسف أن تنقاد دول الغرب لأمريكا غير العادلة حقا .
والغريب أيضا في علاقة العرب بأمريكا هو أنهم موالون لها ، بينما هي موالية لإسرائيل فقط وسط منطقة الشرق الأوسط ، وفي الوقت الذي صوتت فيه روسيا ومعها الصين في مجلس الأمن لصالح وقف الحرب في غزة فورا ، أشهرت أمريكا الفيتو ضد وقف الحرب من دون الأخذ بعين الإعتبار للرقم المتصاعد لعدد شهداء فلسطين ولبيوتهم التي تدمرها الآلة العسكرية الإسرائيلية النازية ، فمن يقود من ؟ إسرائيل أمريكا أم أمريكا إسرائيل؟، ولماذا يعصب الغرب عيونه باللون الأسود ويسير كما الأعمى خلف أمريكا ؟، وإذا كانت (إسرائيل ) ترفض حل الدولتين وفقا للشرعية الدولية ، وقيام دولة فلسطين و عاصمتها القدس الشرقية ، وحق العودة ، فلماذا لا يطرح الغرب الأمريكي خاصة فوق الطاولة موضوع تفكيك ( إسرائيل )؟، لتصبح وجهتها اقليم ( القرم ) أو ( سخالين ) تماما كما أراد لها ذلك الزعيم السوفيتي جوزيف ستالين عام 1945 ، وموطن اليهود الأصلي المعروف هو منطقة ( باراذ بيجان ) الروسية ، وقد يكون اقليم ( ألاساكا ) الأمريكي الذي اشترته من روسيا القيصيرية عام 1284 هو المكان المناسب لتوطين ( إسرائيل ) فيه ، ولماذا لا ؟، وبالمناسبة العرب وبما يملكون من مصادر طبيعية غنية وموقع جيو سياسي استراتيجي هام لا يقلون أهمية للدول الكبرى وغيرها على خارطة العالم من أي موقع آخر .