رسالة إلى عمان بالبريد السريع !!
محمد حسن التل
16-11-2023 04:04 PM
الفلسفة الإسرائيلية في حربها على غزة لا تتعامل إلا مع معادلة المعاداة لكل من يقف إلى جانب الفلسطينيين ، متجاهلين أو غير مدركين القادة في تل أبيب أن فلسطين لها عمقا كبيرا على مستوى العرب والمسلمين وكل صاحب ضمير حي في العالم ، ومن هذه القاعدة انطلق الموقف الأردني ،حيث يقف الأردن منذ اللحظة الأولى للاعتداء الصهيوني على غزة بقيادة الملك عبدالله الثاني موقفا تاريخيا إمتدادا للرسالة الأردنية الهاشمية لحفظ فلسطين وحمايتها ، وتفوق على كل المواقف العربية والدولية في الدفاع عن الفلسطينيين الذين يدفعون منذ أكثر من أربعين يوما ثمنا باهظا نتيجة الإجرام الإسرائيلي عليهم والصمت الدولي على هذا الإجرام الذي طال كل شيء من حياة الناس كبارا وصغارا .
في مرات عديدة وقف رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة تحت قبة البرلمان و من خلال جلسات مجلس الوزراء ليعبر بقوة وحزم عن الموقف الأردني الرافض لكل اعتداء على حياة الفلسطينيين وحقوقهم على أرضهم والعيش كباقي شعوب الأرض ، كما عبر رئيس الوزراء عن قوة الجبهة الأردنية وتماسك الداخل الوطني في مواجهة تداعيات الحرب على المنطقة وقوة الجبهة الأردنية التي هي حتما قوة ودعم لموقف الأشقاء في غزة وكل فلسطين ، وعندما يعلن الرئيس أنه لا خط فاصل بين الموقفين الشعبي والرسمي فهو يعبر عن تناسق خطوط اللحن الأردني للصمود في المعركة ، ولا وجود ولا مكان للطابور الخامس الذي يحاول أصحابه دق الأسافين في الصف الأردني المرصوص ، لأنه موقف يرتكز إلى المبدأ والعقيدة والقانون والحق الأبلج كما أشار الرئيس تحت قبة البرلمان التزاما بالموقف الملكي ، وعندما يقول رئيس الوزراء أن صاحب الخطاب التحريضي بالتأكيد ليس الأردن بل أولئك الذين يدمرون غزة ويقتلون ما فيها من بشر ويهددون باستخدام السلاح النووي بطريقة بشعة لم يعرفها تاريخ الصراع ، فهو بذلك يشير إلى الخطاب الإسرائيلي الذي يعتبر الموقف الأردني والتعبير عنه حالة تحريض .
الأردن منذ البداية وإنفاذا للأمر الملكي حدد سقف التعبير عن الغضب الأردني الشعبي إزاء ما يحدث في غزة سقف السماء ولا يمكن لأحد أن يزاود على هذه المعادلة الوطنية ، في ذات الوقت الذي لن يسمح به لأي كان أن يستغل أوضاع الحرب لينفذ سهمه المسموم من أجل دق الأسافين في الوحدة الوطنية والموقف الرسمي والاساءة للجيش والأجهزة الأمنية.
موقف الأردن السياسي على المستوى الدولي لا يمكن لأحد أن يزاود عليه ، فقد اتخذ موقفه كما أشار الرئيس من باب التزام فرض العين والواجب ، وهو الذي يجعل الأردن أن يكون دائما على ضفة الحق في المعركة ، ولم تكتف المملكة بالموقف السياسي فقد كان فعلها على الأرض من خلال الدعم المادي للغزيين في المستشفى الميداني الأردني والذي تعرضت حياة القائمين عليه في الساعات الأخيرة للاعتداء الإسرائيلي ، الإعتداء لا يفسر إلا أنه رسالة في البريد السريع لعمان من المعتدي، لكن عمان لا تقرأ مثل هذه الرسائل لأن موقفها لن ينحني لسافل معتد أثيم .
عندما يعبر رئيس الوزراء تحت قبة البرلمان وفي كل المواقع ليؤكد على موقف الأردن بكل جراءة وشجاعة فإنه يستمد قوته وثباته من قوة وصلابة موقف الملك ، في الدفاع عن الأشقاء في غزة وكل فلسطين وأنه يعبر بعمق عن العلاقة التاريخية والرسالية بين الأردن وفلسطين .
مطالبة الخصاونة بنزع الحصانة الممنوحة لإسرائيل من قبل قوى دولية تشير بإصبعها بالاتهام لكل من يقف وراء الجريمة الإسرائيلية في غزة .
لقد جاء الاعتداء الإسرائيلي على المستشفى الاردني في غزة ليلطم وجه كل مشكك رخيص بهذا الفعل الأردني المتقدم على جبهات النار هناك، وأن رجاله صامدون في تأدية مهمتهم تحت أزيز الرصاص ودوي القصف امتدادا للموقف الإردني الذي رسم خطوطه الملك عبد الله الثاني..
ولن تنحني عمان كما قلت لسافل معتد أو رخيص مندس