أخيرا صار لدينا ما نصدره .. غير النفط!
حلمي الأسمر
26-02-2011 02:59 AM
في خبر لافت وتاريخي من وجهة نظري ، تظاهر الآلاف من الموظفين والعمال والطلبة الأمريكان امام مقر حاكمية ولاية ويسكونسين احتجاجا على مشروع قانون طرحه حاكم الولاية الجمهوري يحد الى درجة كبيرة من حقوقهم ، إلى هنا والخبر عادي جدا ، فثمة المئات من التظاهرات تنظم في بلاد العالم ، لأن التظاهر ليس اختراعا عربيا ولا غربيا ، بل هو منتج إنساني اعتيادي ، لكن الجديد في المشهد استلهام ثورة مصر في مظاهرة ويسكونسين ، وهو أمر لا يدعو للفخر فحسب ، بل إنه نقطة تحول جذرية في علاقة الشرق بالغرب ، فقد أصبح لدينا في الشرق العربي ما نصدره غير النفط ـ الثورات الشعبية ـ فقد حمل المتظاهرون في الغرب الأمريكي لافتات كتب عليها ـ من القاهرة إلى وسكونسين،،.
التظاهرات التي جرت في الايام الخمسة الماضية شارك فيها الآلاف من الموظفين والعمال والطلبة ، جاءت للاحتجاج على مشروع القانون الذي طرحه الحاكم الجمهوري سكوت ووكر والذي يقول مؤيدوه إنه ضروري للحد من الانفاق العام بينما يقول مناؤوه إنه سيكسر ظهر الحركة النقابية في الولاية ، واصبحت ولاية ويسكونسين خط التماس في الصراع الذي يعتمل في الولايات المتحدة والذي يهدف الى خفض الاجور والحوافز والحقوق النقابية التي يتمتع بها الموظفون الحكوميون. فلو نجح الجمهوريون - الذين يتمتعون باغلبية في مجلس الولاية - في مسعاهم ، سيصبحون قدوة للولايات الاخرى التي ستتشجع لاتخاذ خطوات مماثلة بحق موظفيها وعمالها. وقد تمكن الجانبان - مؤيدو مشروع القانون ومعارضوه - من جذب الآلاف من مؤيديهم الى مقر الحاكمية يوم السبت الماضي ، ولكن عدد المعارضين كان اكبر من المؤيدين بعدة اضعاف ، وقد طاف معارضو مشروع القانون حول مقر الحاكمية مرددين شعار "اقتلوا مشروع القانون ،"بينما ردد مؤيدوه من انصار "حفلة الشاي": "اعيدوهم كلهم" في اشارة الى اعضاء مجلس الولاية من الحزب الديمقراطي الذين فروا الى ولاية الينوي المجاورة لحرمان الاغلبية الجمهورية من النصاب الضروري لتمرير القانون.
كان بين مؤيدي مشروع القانون "جو السباك" الذي اشتهر ابان الحملة الرئاسية الاخيرة ، الذي قال: "لا تستحق النقابات شيئا. لا تستحقون شيئا ، فعليكم العمل من اجل انفسكم."
اما معارض مشروع القانون جيم شنايدر البالغ من العمر 69 عاما فقد حمل لافتة عليها صورة لحاكم الولاية - الذي رفض التفاوض مع النقابات - والى جانبها سؤال: "حسني مبارك؟".
وقال شنايدرن وهو مدرس متقاعد: "المصريون مثلنا الأكبر. ان ما سيحدث هنا سيكون مهما جدا بالنسبة لما سيحدث في الولايات الامريكية الاخرى ، تماما كما كان الأمر مع مصر التي الهمت ثورتها العديد من الثورات في الشرق الاوسط."..
كم أشعر بالفخر ، وكم أشعر أن ثمة تغيرا جذريا بدأ يحدث ، وسيذكر المؤرخون فيما بعد ، أن بدايات العام 2011 شهدت منعطفا كبيرا ، عدل فيها الشعب العربي الحي ، من معادلة علاقة الشرق بالغرب ، ليس على أيدي الحكام ، بل بيد أبناء الشعب ، الذين ظلوا مغيبين لعقود ، ليستفيقوا أخيرا ويصنعوا مستقبلهم بأيديهم ، ويلهموا شعوب العالم كيف يتعاملوا مع حكامهم ، كما فعلت الانتفاضة الفلسطينية من قبل،.
hilmias@gmail.com
(الدستور)