الاردن ، الاخطر عربياً ، في تحليل وضعه ومستقبله ، في مطابخ تل ابيب ، وحدود الاردن الممتدة اكثر من ستمائة كيلومتر مع اسرائيل ، تجعل الاردن في وضع حساس جداً ، ومفتوح على كل الاحتمالات.
ماالذي تخططه تل ابيب للاردن؟ماهي السيناريوهات التي تدرسها ، للتعامل مع احتمالات الفترة المقبلة ، بشأن هذه المنطقة ، خصوصاً ، ان القراءات بخصوص تونس وليبيا ومصر واليمن والجزائر والمغرب والبحرين ، كلها تثير الذعر دولياً.
التحليلات الاسرائيلية تقرأ الأردن من عدة زوايا ، أولى هذه الزوايا تأثيرات هذه الاحداث على الداخل الاردني ، على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، ومدى تأثر الاردن فعلياً ، ثم مستقبلا بكل ما يجري.
السؤال:اذا كانت هناك مخاوف على الاردن لخطورة موقعه ، فلماذا يتم تركه دون دعم مالي عربي ودولي ، ولماذا يتم تركه بين القوة والضعف معلقاً بين حالين ، وبالكاد يتدبر التزاماته؟،والاجابات مرعبة.
ثانية هذه الزوايا تأتي عبر حسبة اسرائيل في المنطقة ، وهي التي فقدت ثلاثة انظمة صديقة لها في شهرين ، في تونس ومصر وليبيا ، وهذا الحال يشجع شعوبا اخرى ، على تغيير احوالها خصوصاً في الدول التي تعاني من هشاشة داخلية.
المؤكد هنا ان ما يجري في المنطقة يجبر مطابخ القرار السياسي والامني في تل ابيب ، على قراءة الداخل في كل الدول العربية المحيطة بإسرائيل ، تحديداً ، بالاضافة الى واقع الدول النفطية والمركزية.
قراءة الاردن وتحليل وضعه الداخلي يأتيان وفقا لحسبة امن اسرائيل ، قبل كل شيء ، ومدى تأثر أمنها بأي وضع او مستقبل.
من هذه الزاوية تقرأ اسرائيل الوضع ايضاً في كل الدول المحيطة بفلسطين المحتلة ، ولان الاردن حدوده هي الاطول وهناك تشابك اجتماعي وسكاني وتاريخي وجغرافي بين الاردن وفلسطين المحتلة ، تأتي الأدلة على ان الهلع سيكون الاعلى بخصوص الاردن.
هناك رأي بالغ الدلالة يقول:اسرائيل لاتفكر بهذه الطريقة تجاه الاردن ، وقد يكون مطلوباً هدم استقرار الاردن من اجل تقسيمه او تنفيذ مخططات معينة ، او اعادة رسم المنطقة.خوف اسرائيل هو فقط من انفلات الامور من يدها ، او ارتداد اثارها عليها.
يتم الرد على هذا الرأي بأنه تخويف للناس من اسرائيل لتهدئة الداخل الاردني ، والرد يحمل اتهاماً لاصحاب هذا الرأي الذين يلوحون بإسرائيل كلما ضاقت الدنيا ، وانهم يستخدمون اسرائيل كفزاعة لإرهاب الداخل الاردني.
الزاوية الثالثة الاسرائيلية التي تتم قراءة الوضع الداخلي الاردني عبرها تتعلق بتقييم تفاصيل الداخل وقدرة الدولة على استيعاب الحراك الداخلي ، ومؤشرات نمو هذا الحراك ، واحتمالات الفوضى ، والبدائل ، قوة المؤسسة وضعفها ، وغير ذلك من سيناريوهات يراد الاستعداد لها ، اسرائيلياً ، وبشكل مسبق.
بين هذه الزوايا الثلاث يأتي السؤال الداخلي حول"اسرائيل" وهل هي وسيلة لإخافة الداخل الاردني ، ام ان عيونها الحمراء المفتوحة على الاردن توجب الرد سريعاً بسيناريوهات اخرى تعيد ترتيب اوراق الداخل الاردني.
مغزى الكلام:هذا الجوار الاخطر لنا والممتد مع اسرائيل ، ليس سهلا ، وهو يفتح الباب امام كل الاحتمالات ، والذين يخططون في عمان عليهم ان يعرفوا مسبقاً ، ان حسبة الداخل الاردني مهمة جداً ، حتى لاتنفلت حجارة الهرم ، فنجد انفسنا امام حسبة اسرائيل تجاهنا.
بدلا من انتظار حسبة اسرائيل ، علينا ان نتنبه الى حسبة الداخل الاردني ، واعادة التماسك الى الداخل ، حتى لانفقد الكثير ، ونصحوا وقد بتنا وجهاً لوجه امام حسابات اسرائيل المعقدة والمؤجلة تجاه الاردن وشعبه.
موقع الاردن جدا خطير ، ونحن بين فاتورتين ، ايضاً ، الاولى فاتورة الموقع وميزته سياسياً واقتصادياً وبحيث تتم الاستفادة من حساسية الموقع على كل الاصعدة لدفعها لنا ، والثانية فاتورة اسرائيل التي قد تحليها الينا لدفعها بعد طول تأجيل.
مابين الفاتورتين فإن الداخل الاردني الضمانة الاولى ، لتحديد الى اي فاتورة نحن ذاهبون ، حتى لاتبقى الامور تدار بشكل يومي ، بدلا من التخطيط الاستراتيجي.
من الذي سيقرر؟لننتظر ونر،،.
mtair@addustour.com.jo
(الدستور)