طهبوب يكتب: رأس كليب في "الشفاء"
عامر طهبوب
15-11-2023 11:11 PM
صنَع كذب إسرائيل مجمع مستشفى الشفاء، قلعة أسطورية كقلعة "رودخان" الإيرانية التاريخية، أو قلعة "فينسن" الفرنسية، جعل نتنياهو من "الشفاء" حصناً كحصن "سمتر" على الأطلسي في كارولينا الشمالية، أو حصن ديليوير في ولاية ديليوير، أو "ألامو" في تكساس. "شيطنت" إسرائيل "الشفاء" وقد قلت ذلك في مقالة بتاريخ السابع والعشرين من أكتوبر بعنوان "شيطنَة مستشفى الشفاء"، وقلت فيه وما زلت أقول: شيطِن ثم اضرِب، تلك فلسفة القوة والغطرسة الناتجة عن فائض الفشل، وفائض الغرور، وقلت أن إسرائيل ستعمل على التحرش بصواريخها في محيطه، قبل أن تعمد إلى قصفه، وترتكب مجازر أفظع يصبح فيها كل ما مضى فصلاً من فصول مجزرة تهدف إلى أبعد من حماس، وأبعد من كل ما هو معلن، والهدف هو قتل الشعب الفلسطيني وتهجيره.
كان بنيامين نتنياهو كطفل ضُرِب على قفاه في الحارة، وعاد إلى أمه ليروي لها أنه دخل إلى بيت الضبع وقتله، قال: قالوا لنا: "لا تدخلوا مستشفى الشفاء ودخلناه"، وماذا وجد جنوده في المستشفى الذي اقتحموه بعد منتصف ليلة أمس؛ "رأس كليب؟ هل نزلوا إلى محطة مترو الشفاء من غزة، هل أدهشهم "مترو شنغهاي"، هل عبروا منه في اتجاه مترو أنفاق "غوانزو" في دير البلح؟ كل ما فعلوه هو مواصلة الكذب، وصناعة الكذب، وخرج المتحدث باسم جيش الاحتلال ليقول كما قال عن المستشفى الأندونيسي، أنه وجد سلاحاً، ودلائل، ومؤشرات على أن حماس جلبت مخطوفين إلى قبو "الأندونيسي"، كما قال أن نحو مائتي مقاتل في حماس، كانوا قد غادروا مستشفى الشفاء.
وفيما انشغلت محطات التلفزة باقتحام الجيش الإسرائيلي لمستشفى الشفاء، كان الضرب يتم بالمليان من الطائرات العسكرية الإسرائيلية لمنازل ومدارس في وادي غزة، وجباليا، ودير البلح، وخان يونس، وبعضها بعيداً عن تغطية الصحفيين. ستواصل إسرائيل البحث عن أهداف يستر فيها نتنياهو عورته وخيبته، ولا أستبعد تفريغ مجمع الشفاء من كامل البشر، واستهداف مبانيه وتسويتها بالأرض، والإعلان عن الانتصار بتدمير ما تدعي أمام شعبها وواشنطن، أنه مركز قيادة، وستقول أنها وجدت أنفاقاً تحت المستشفى بعد أن تكون قد قصفته، بعيداً عن أي جهة مستقلة محايدة، تفحص وتقدم تقريرها للمجتمع الدولي.
كل ذلك يحدث، وسيحدث ما هو أسوأ طالما أن هذه الحرب الإجرامية لم تتوقف، وطالما لم تجد حكومة الحرب الإسرائيلية من يلجمها ويلزمها على وقف اعتداءاتها، وإجبارها على الانسحاب من غزة، وإدخال المساعدات بتدفق غير مسبوق لإنقاذ أهل غزة الذين فقدوا الأمل في الحياة، ويعيشون في العراء، والبرد، والوحل الناتج عن مياه المطر، وبلا ماء، ولا دواء، ولا غذاء، ورغم وجودهم في الجنوب، إلا أن القصف ما زال يلاحقهم بلا هوادة.