ما خاب ظني بك يا أيمن الصفدي منذ عرفتك عام 2001
السفير الدكتور موفق العجلوني
15-11-2023 10:19 AM
تابعت بعناية تامة حديث معالي وزير الخارجية وشؤون المغتربين السيد ايمن الصفدي ليلة اول أمس على قناة المملكة مع الإعلامي المحترم عامر الرجوب في برنامج صوت المملكة، ومن موقعي كسفير ودبلوماسي مسلكي واعلامي، وبطبيعة الحال (كلما ازددت علماً ازددت علماً بجهلي) اتابع تحركات ولقاءات وتصريحات معالي الوزير الصفدي منذ ان تسلم مهام وزارة الخارجية وشؤون المغتربين.
وكان لي رأي في معاليه في اول لقاء به في مدينة روما عام ٢٠٠١ حيث كنت في السفارة الأردنية بمعية سعادة السفير الأردني السيد عمر عبد المنعم الرفاعي و الذي اكن له كل تقدير واحترام ، وكنا في استقبال جلالة الملك عبد الله ابن الحسين حفظه الله حيث كان جلالته يقوم في زيارة رسمية الى العاصمة الإيطالية روما ، وكان السيد ايمن الصفدي يعمل في القسم الصحفي في الديوان الملكي ، وقد كتبت مقالاً منشوراً في عمون الغراء عندما صدرت الإرادة الملكية السامية بتولي السيد ايمن الصفدي مهام وزارة الخارجية بعنوان : "ايمن الصفدي بين هوامش الماضي وأمل المستقبل بتاريخ ٢٩/١/٢٠١٧" ، حيث تناولت فيه رأي في شخصية ايمن الصفدي ، و ها انا اعيد وأكرر : "ان ظني ما خاب بأيمن الصفدي منذ ان عرفته عام ٢٠٠١ و ها انا اعيد نشر بعض ما كتبته قبل ست سنوات و نصف تقريباً :
لن ادخل في وصف المناصب التي تقلدها ايمن حسين عبدالله الصفدي كما ذهبت العديد من وسائل الإعلام والمواقع التي شغلها في المملكة الأردنية الهاشمية وخارجها وآخرها وزير الخارجية وشؤون المغتربين . لن ادخل في هوامش الماضي التي علق عليها الكثيرون وخاصة ايام الحراك الشعبي والربيع العربي ، ولن ادخل فيمن وصفه نفر " انه متكبر و عنجهي و يدعي المعرفة ويصر على رأيه على من هم من حوله حتى لو كان خطأ، وكل هذه الصفات وغيرها لا تعطيه الحق بان يكون نائبا لرئيس الوزراء ناطقا باسم الحكومة إبان حكومة دولة سمير الرفاعي ، و لن ادخل في فرح الكثيرين بقدومه مكان شخصية سابقة نالت من النقد ما لم تنله شخصية أردنية سابقة ، ولن ادخل بأن تعيينه بهذا المنصب وإقصاء من سبقه جاء لإرضاء الرئيس ترامب لعلاقة السابق بوزير الخارجية الامريكي السابق جون كيري ، و لن ادخل في المحسوبيات على انه غير محسوب على عائلة كذا او عشيرة كذا و كذا ، او انه من الشمال او من الجنوب .
حقيقة برأيي انه محسوب على الاردن و باعتقادي انه كان من اختيار - رأس القمة السياسية و الدبلوماسية و القيادة و صاحب الحكمة و العقلانية وبعد النظر - جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله .
ما دعاني للكتابة عن ايمن الصفدي - غير المتوقع ان يكون وزيرا للخارجية في كل احتمالات الشارع الاردني و جمهور السفراء و الدبلوماسيين المعتمدين في المملكة - تلك الأسئلة المتكررة من العديد من السفراء و الدبلوماسيين من الدول الشقيقة والصديقة في مناسبات عدة وآخرها حفلي العيد الوطني للهند و العيد الوطني لأستراليا يوم اول امس ، عن رأيي بأيمن الصفدي وخاصة قبيل انعقاد القمة ، ربما لهم اعتقاد انني من مخضرمي وزارة الخارجية وممن يكتب في الصحافة وعلى علاقة طيبة و معرفة ممتازة بهذا الرجل و بسلفه الذي شعر الكثيرون بارتياح شديد لمغادرته وزارة الخارجية ، و اخرون كان لهم راي مخالف . لست معنيا الآن بتقييم عمل ذلك الرجل فقد سبق لي ان ابديت وجهة نظري به ، متمنيا لمعالي الزميل الاخ الكبير وزير الخارجية السابق محمد ناصر جودة كل التوفيق في حياته الجديدة و شؤونه الخاصة و جازاه الله على قدر اعماله في وزارة الخارجية وانجازاته في السياسة الاردنية الخارجية خلال السنوات الثمانية السابقة .
وهنا كما يقول المثل " أهل مكة ادرى بشعابها " فقد التقيت بالسيد ايمن الصفدي عام 2001 في ايطاليا و في فندق هلتون كفاليه في روما ، على مأدبة عشاء بحضور كل من دولة الدكتور فايز الطراونة رئيس الديوان الملكي في تلك الفترة ، و سعادة الزميل عمر الرفاعي حيث كان السفير الاردني في روما (2000- 2004 ) والسيد ايمن الصفدي من مكتب جلالة الملك و آخرون من الوفد المرافق لجلالته حيث كان جلالته حفظه الله يقوم بزيارة رسمية لإيطاليا .
نعم في تلك الجلسة عرفت ايمن الصفدي ، لم يكن متعجرفا كما كتب عنه ، كان متحدثا لبقاً واثقا من نفسه ، كان صاحب كاريزما واحترام ، امتلك الحاضرين بحديثه ، رغم انني أعرف أن دولة الدكتور فايز الطراونة هو من يمتلك الحديث في الجلسات المشابهة و الكل يستمع اليه ، الا ان الجميع كان يستمع للحديث التحليلي و الذي يحمل المنطق و بعد النظر ، ودولة الدكتور فايز الطراونة يصغي الى حديث السيد ايمن الصفدي.
وفي معرض الحديث أثنا زيارة جلالة الملك في تلك الفترة ، عبرت للسيد ايمن الصفدي عن اعجابي بحديثه و بتحليله و بسعة اطلاعه و عمق ثقافته الواسعة و ذكائه و كيف يستطيع ان يمتلك اذان الاخرين التي سرعان ما تحكم على هذا الرجل بانه "فهمان" و مطلع و له مستقبل و خاصة وجوده بالقرب من جلالة الملك ، بينما هنا في المقابل كان نفر اخر ينظر اليه بعين الغيرة و الحسد ... و يبدو ان الحسد و الغيرة حالة مستدامة في مجتمعنا الاردني .
اثناء اجابتي لعدد من السفراء والدبلوماسيين عن شخصية الوزير الصفدي " الغامضة "، تواجد بالصدفة معالي وزير الشؤون السياسية والبرلمانية السيد موسى المعايطة ، فأخذت بيده و قلت له معالي الاخ اسعف فمي بخصوص رايك في وزير الخارجية الجديد ، فما كان من معاليه ان عبر بلسان حالي عن معالي وزير الخارجية و شؤون المغتربين في الخارج ، بان السيد ايمن الصفدي يمتلك كل الصفات و المؤهلات بتولي منصب وزير الخارجية و سوف يكون محل ثقة جلالة الملك والأردنيين .
في نهاية مقالي هذا ما خاب ضمي بمعالي ايمن الصفدي ، و اعتقد ان توقعاتي قبل ٢٢ عاما في روما جاءت في محلها . نتمنى لمعالي الاخ ايمن الصفدي كل التوفيق والنجاح في مهمته غير السهلة ، و ان يكون بحجم القيادة الاردنية و ثقة جلالة الملك حفظه الله ، و باعتقادي هو كذلك ، وان يأخذ سياستنا الخارجية الى معارج التقدم و النجاح وان يتعزز الحضور الاردني على الساحة العربية والدولية و ان يكون للأردن كلمته ، و ان تستمر وزارة الخارجية في ألقها وتألقها و حضورها و سمعتها الطيبة في الداخل و الخارج ، و ان تكون سفاراتنا و سفراؤنا و دبلوماسسينا في الخارج بحجم الاردن الملكي الهاشمي و قيادته الهاشمية الحكيمة .
و ها هو معالي الوزير الصفدي كما عودنا دائماً ، يحذر من عبثية المشوشين و المشككين في الموقف الأردني ومحاولات الإساءة للأردن ، فنحن نعرف السياق التي تأتي فيه،" فأحنا مثل الخبز الشعير مأكول مذموم عند بعض الناس للأسف" ، وإسرائيل لها مصلحة بضرب صدقية الموقف الأردن .فالأردن بقيادة جلالة الملك يتمتع بالاحترام والتقدير والمصداقية على المستوى العالمي و الشعب الأردني يقف وراء قيادته الحكيمة والتي جابت العالم من اجل الدفاع عن القضية الفلسطينية ووقف العدوان الغاشم على قطاع غزة و الأراضي الفلسطينية المحتلة ، و الدعوة الى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على الأرض الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل عام ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية .
نتمنى لمعالي وزير الخارجية وشؤون المغتربين كل التوفيق والنجاح والرعاية الإلهية في تحمل المسؤوليات الجسام، والسير على خطى جلالة الملك في الوقوف في وجه التعنت والصلف الاسرائيلي، والعدوان الغاشم على قطاع غزة والضفة الغربية ومن يقف مع إسرائيل. وقد شاهدنا الوزير الصفدي في جولاته مع جلالة الملك عبد الله حفظه الله وفي لقاءته بوزراء الخارجية سواء الولايات المتحدة الأميركية والدول الاوروبية والدول العربية الشقيقة وفي أروقة الأمم المتحدة، والمواقف المشرفة التي وقفها في الدفاع عن القضية الفلسطينية وشجب العدوان الاسرائيلي الغاشم على قطاع غزة والضفة الغربية ووجوب وقف إطلاق النار وتزويد القطاع بالأدوية والمياه والكهرباء والوقود والمواد الغذائية.
نعم ها هو ايمن الصفدي يسير على خطى جلالة الملك، ولن يخيب ظن الأردنيين في قيادتهم الشجاعة ومن وضع جلالته ثقته بهم.
* السفير الدكتور موفق العجلوني /المدير العام مركز فرح الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية.
muwaffaq@ajlouni.me