روسكي-مير واللغة الروسية في الأردن
د.حسام العتوم
15-11-2023 08:45 AM
بسعادة كبيرة لبيت دعوة صندوق مؤسسة " روسكي مير " بموسكو العاصمة الروسية الجميلة بتاريخ 3/ 11/ 2023 ، و هي التي أسس أعمالها الرئيس فلاديمير بوتين ، و قادها حتى العام الحالي النائب و البروفيسور و السياسي المعروف فيجيسلاف نيكانوف ،و هي المعنية بنشر اللغة و الثقافة الروسية في العالم ، و سنحت لي هناك القاء كلمة الأردن و روسكي مير بعمان الذي تمثله الدكتورة تتيانا جلوشينكو من الجامعة الأردنية على المنصة الرئيسية بحضور ممثلين عن 77 دولة عالمية ، أظهرت فيها جهدي و بالإرتكاز على اللغة الروسية بنشر كتب توطد العلاقة بين الأردن و العرب من جهة وما بين روسيا الأتحادية الصديقة من جهة أخرى ، و تدعوا لحوار الحضارات و الثقافات . و طالبت بضرورة تطوير أعمال زاوية اللغة الروسية في الجامعة الأردنية إلى مركز روسي متخصص يشمل مختبرات و قاعات صفية للطلبة بعد اتساع الأقبال أردنيا على اللغة الروسية ، و مكاتب للأساتذة ، و لتدريسها في المدارس الأردنية إسوة باللغات الأخرى ، خاصة و أنها الثالثة شعبيا انتشارا في الأردن بعد العربية و الأنجليزية ، و هي عالمية معترف بها في الأمم المتحدة و يتحدث بها اليوم أكثر من 300 مليون نسمة ، و مؤسسة و صندوق " روسكي مير " ترفع شعار " العالم سيتحدث بالروسية ، وهو من انتاج مديرها نيكانوف الذي أعلن انتهاء مهام أعماله فيها ، ونجاح ملاحظ لفلاديمير كوجين المدير التنفيذي للصندوق و ليسفتلانا شيرباكوفا مديرة البرامج فيه . و تشكل الوفد الأردني الى مؤتمر الصندوق المؤسسة " روسكي مير " من خمسة نشطاء ، و كنت من بينهم ، الى جانب الناشط المهندس سلام طوال رئيس نادي ابن سينا السابق ،و الذي تحدث بدوره وعلى المنصة الرئيسية عن أهمية توطيد العلاقة بين الأردن و روسيا ، و ديما حمشاوي رئيسة نادي ابن سينا لخريجي روسيا و الأتحاد السوفيتي السابق ، و نتاليا نازارينكا رئيسة نادي السيدات الروسيات ، و يفغيني الوديان عن الجاليات الروسية ، و تتمتع اللغة الروسية بأهمية كبيرة موزعة على تخصصات عديدة في مجالات السياسة و الدبلوماسية ، و الأقتصاد، و العسكرة ، و الطاقة النووية ، و التعليم و الثقافة و الإعلام ، و علم الفضاء ، و العلاقات الأجتماعية .
و بالمناسبة فإن ، العلاقات الأردنية – الروسية تاريخية و عريقة بنى مداميكها الأولى عظيم الأردن الراحل جلالة الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه ، و الزعيم السوفيتي نيكيتا خرتشوف بتاريخ 21/ 8/ 1963 في أوج تصاعد الحرب الباردة و سباق التسلح . و شكل الأردن وقتها قبة ميزان العلاقة القائمة بين الشرق و الغرب . ووطد جلالة الملك عبد الله الثاني حفظه الله العلاقات الأردنية – الروسية و طور أعمالها ، و تبادل تجاري بين بلدينا تجاوز النصف مليار دولار .
وتعتبر روسيا الأتحادية الأردن مركزا للتوازن السياسي الدولي ، و دولة استراتيجية صديقة ، و لدينا في الأردن ما يقارب 25 الف خريج لروسيا و للأتحاد السوفيتي السابق ، و زيجات و أبناء و أحفاد و منح دراسية سنوية لطلبة الأردن يقدمها المركز الثقافي الروسي تقارب 200 منحة سنوية في متختلف الدرجات العلمية و التخصصات ، و سفارة روسية بعمان ناشطة و جامعة للأردنيين في المناسبات الروسية الوطنية و خادمة لشؤونهم . و تقف مع الأردن في مناسباته الوطنية ، وزيارات ملكية و رئاسية متكررة شهدها الجانبان الأردني و الروسي منذ الزمنين السوفيتي و الروسي المعاصر .و موقف روسي حالي مشرف الى جانب الفلسطينيين في الحرب في قطاع غزة ، و حيادي بينهم و بين " إسرائيل " ، و طلب روسي سياسي تقدمه الرئيس بوتين لمجلس الأمن مبكرا لوقف الحرب في غزة ، و مساعدات انسانية للقطاع المكلوم ، و رفض روسي للتعرض للمدنيين من الجانبين .و دعوات روسية مستمرة لتحقيق حل الدولتين ، فلسطينية كاملة السيادة و عاصمتها القدس الشرقية ، و " إسرائيلية " وفقا لقرارات الشرعية الدولية ومنها القرار 242 الداعي " إسرائيل " للعودة بحدودها للرابع من حزيران لعام 1967 .
ولقد شكل مؤتمر " روسكي مير " في موسكو فرصة إعلامية سياسية لي لتوضيح حدث حرب غزة لعدد من المشاركين في المؤتمر و لمن التقيتهم في ترحالي داخل الأراضي الروسية ، فلاحظت عدم وضوح صورة الحدث الفلسطيني – الإسرائيلي ، وهوالذي عكس تاريخ الأحتلال و الأستيطان الإسرائيلي لفلسطين منذ ماقبل عام 1948 . و بأن حماس حركة تحرير فلسطينية عربية إسلامية لا تعترف بإسرائيل فوق الأراضي الفلسطينية كافة ، لكن ميثاقها الذي تم تعديله يعترف بالدولة الفلسطينية و عاصمتها القدس الشرقية و بحق العودة أولا و التعويض ثانيا . و بأنها لا تستهدف المدنيين الإسرائيليين ، و بأن العرب ضد استهداف المدنيين من الطرفين الفلسطيني و الإسرائيلي ، و في الوقت الذي يملك فيه الفلسطيني حق الدفاع عن النفس لا تملكه " إسرائيل " خاصة و أن حربها الحالية داخل حدود عام 1967 العائدة ملكيتها حسب مجريات التاريخ و أرشيف قوانين الأمم المتحدة للعرب ومنهم الفلسطينيون، و بأن تحجج " إسرائيل " بوجود حماس وسط بيوت قطاع غزة ، و هي الناطقة بإسمهم و الفلسطينيين ، و استخدامه ذريعة لقصف المدنيين الفلسطينيين أمر مرفوض لا تقبله الأخلاق البشرية . و المعروف بأن هجوم حماس و التي هي أيدولوجيا متحركة في السابع من أكتوبر 2023 عبر عن حالة رفض للإحتلال و للتطاول على كرامة الفلسطينيين و العرب عبر منعهم من الصلاة في الأقصى المبارك ، و هدم بيوتهم ، و قتلهم ، و اعتقالهم ، و تشريدهم و تهجيرهم ، بينما هم أصحاب الحق و الأرض ، و القضية العادلة .
و أوضحت لمن التقيته وسط المجتمع الروسي ، ومنهم من يعيش في "إسرائيل " بأن التسبب في قتل عشرة ألاف فلسطيني منهم حوالي خمسة ألاف طفل جريمة حرب لا تغتفر، و بأن شجاعة من يحارب تظهر عندما يلتقي الجيش مع الفدائي ، و كل حسب قدراته ، و لا يجوز و تحت طائلة المسؤولية القانونية الدولية استهداف المدنيين من الطرفين . وكتابان في مصلحة القضية الفلسطينية في المقابل للبروفيسور الروسي الكسندر كريلوف بعنوان " القدس " ، و " دولة فلسطين و حق المستقبل " . و الممكن قوله هنا أيضا هو بأن الغريب في " إسرائيل – نتنياهو و حزب الليكود المتطرف هو أنهم يبحثون عن عدد قليل من المعتقلين مؤقتا لدى حماس ، بينما هي تحتفظ في سجونها أكثر من عشرة ألاف معتقل منذ أكثر من أربعين عاما . وبدلا من الأنصياع للقانون الدولي و لنداءات الأمم المتحدة تذهب للإستمرار في الحرب و ممارسة قتل الفلسطينيين بلا هوادة ومن دون رحمة ، و لطلب النجدة من دول حلف " الناتو" بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ، بينما وقف العرب و المسلمين مجتمعين في مؤتمرهم في عاصمة السعودية في الرياض مع وقف الحرب على غزة حالا ، ومع تقديم المساعدات الإنسانية لهم بكافة الطرق ، و موقف أردني متقدم و مشرف قاده جلالة الملك عبد الله الثاني حول حدث غزة المأساوي و البطولي لوحظ بقوة في المحافل الدولية و العربية ، داعيا لوقف الحرب فورا ، و لتقديم العون الإنساني للفلسطينيين ، ومع ضرورة عدم استهداف المدنيين .
و تحضرني هنا و بهدف توضيح صورة القضية الفلسطينية العادلة للمجتمع الروسي و السوفيتي السابق ، وهي التي تدعو " إسرائيل " لضرورة مغادرة حدود الرابع من حزيران لعام 1967 ، و القبول بدولة فلسطينية كاملة السيادة تكون القدس الشرقية عاصمة لها ، ومع ضمانة حق العودة و التعويض . و الأن لمحاكمتها في محكمة الجنايات الكبرى على جريمة الحرب في غزة ، دعوة صاحب السمو الملكي الأمير حسن بن طلال حفظه الله في مؤتمر خريجي روسيا و الأتحاد السوفيتي السابق في مدينة مادبا عام 2013 لتأسيس قناة فضائية عربية ناطقة باللغة الروسية تكون موجهة للدول الناطقة بها و تحمل اليها قضايانا العربية و في مقدمتها القضية الفلسطينية العادلة .