facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




أزمة التنميط التي تمارس على المجتمعات العربية .. غزة إنموذجا


مهند الواكد الفاعوري
14-11-2023 10:29 AM

في عام ٢٠٢٠ انفجر مرفأ بيروت، هذا الحادث الأليم والكارثة التي حلت على لبنان جلبت تعاطف العالم أجمع بكل أطيافه، وقد لا يعلم البعض أن حادثة المرفأ تزامن معها حدث قد يكون افجع، إذا ما قسناها بتعداد خسائر الأرواح والخسائر المادية التي حصلت في فاجعة المرفأ، وهي فيضانات السودان، ولكن حتى نحن كعرب لم نشاهد تضامن بحجم التضامن الذي رافق احداث المرفأ مع ضحايا فيضانات السودان حتى من قبل الإعلام والمجتمعات العالمية والتي البعض منها قد لايعلم بهذه المأساة التي حلت بأخواننا في السودان.

وهنا تأخذني هذه المفارقات إلى معضلة القيم الإنسانية المطلقة، الحق والعدل والجمال، وما يهمني هو القيمة الثالثة الخادعة قيمة الجمال التي تدمغ العيون حتى عن القيم الأخرى السابقة لها فالعدل بالمطلق جميل وهو حق والحق جميل وهو عدل أما الجمال فاحياناً يكون خداع فلا هو بالعدل ولا هو بالحق.

أعتقد إذا أردنا أن نفهم واقع تعاطي الأعلام الغربي مع القضايا العربية نجدها منطلقة من تنميط صور العرب والإسلام بشكل عام، وهذا بالضبط ما سار بنا إلى تعاطف فطري مع الأخوة في لبنان والسودان ولكن بمفارقات الإهتمام بسبب تسويق فكرة الجمال المطلقة وهذا بالأكيد ينعكس علينا كمشاعر ، وهذا الأسلوب تستخدمه و تنبهت أليه العديد من الدول بتسويق الجمال سياحياً وثقافياً بالدرجة الأولى وبأن بُلدانها هي الأجمل وشعوبها هي الأجمل لأن الجمال هو مفتاح القلب والطريق للعقل فيما بعد .

اغترار الجمال هو حالة فردية واجتماعية ، ومنها بما لا يتسع ذكره من حالات فردية حتى لا تتعاطف مع المجرمين والسفاحين فقط لجمالهم الخارجي، وهذا يأخذنا للربط بواقعنا الحالي، ما أشاهده على أحد وسائل الأعلام لمقابلة استضيف فيها أحد الناشطين في الكيان المحتل يصور فيها الفلسطيني والعربي والمسلم بشكل بشع كثيف اللحية حاد الملامح ويقول ان هؤلاء البشعين اعداء للحضارة والتطور، بصراحة أن الأعلام المحتل تفوق علينا بتنميطنا بصورة قد يجمع عليها أغلب الشعوب العالمية في أعتقادي لو سألت أي شخص في العالم عن الصورة الذهنية عن العرب لوجدتها بنفس الوصف، مع العلم أن المحتل الصهيوني هو يمتلك هذه الصورة حقيقةً وتاريخياً.

التاريخ : نرى بأن بعض المشاهير في عالمنا العربي مثلاً يحتفون بأي مشهور لايشبههم بصورة مبالغة جداً ،فترى بعض الفنانين العرب بمجرد أن يشاهدوا مشهور عالمي يضمحلوا حتى انك لا تستطيع التفرقة بينهم وبين المعجبين العاديين لهذا المشهور مع كمية مفرطة من التذلل والتملق ، في حين أن هذا النهج يختلف حين يتعامل مع عربي مثله و من جلدته ، وهذه الحالة ممكن أن تتجاوز الفكر الفردي لتنتقل للفكر الدولي ، ومنها شاهدنا دول عربية كاملة تضع عقلها بعقل شخص من دولة عربية اخرى عبر عن وجهة نظره تجاه قضية خاصة بهذه الدولة ووصل الأمر لحد الحرابة الدبلوماسية ، في حين أن هذه الدولة تتقبل اي نقد خارجي و من الصحافة الخارجية بكل رحابة صدر وتفهم حتى لو نعتت بأبشع الأوصاف وقد يصل بها الأمر لدفع الملايين لتغير صورتها الخارجية بكل محبة ، واستمرار هذا التنميط الممنهج قد أوجد المواطن العربي المرتبك الواثق بكل العالم ومتشكك بنفسه ، فكل البشرية قدمت للحضارة الا هو كان عبئ عليها باعتقاده ، حتى انه من السهولة علية تقبل تدميره من قبل الاخر الاجمل منه لانه بوجهة نظره يستحق ، رغم ما تتمته به مجتمعاتنا تاريخيا من أرث ثقافي وحضاري عظيم جدا.

أن مايُثير الأستغراب في الأحداث الجارية اليوم هو إلى الان عدم قدرتنا كشعوب عربية على تكييف التعاطف العالمي بشكل يخدم مصالحنا ، فنحن أدمنا دور الضحية ، ومايعني البعض هو أن يبقى فقط تحت الرحمة وأن ينظر الناس لهُ بالشفقة وهذا بالنسبة للبعض هو الأنجاز ، فحالة الصحوة الأنسانية في شعوب العالم اليوم لقضايانا منطلقة من القيم المطلقة التي تحدثت عنها في البداية فقضيتنا عادله ونحن على الحق ولكن لانملك الجمال ،في أعتقادي أن مسألة الوقت لن تكون في صالحنا ، اذا لم نسعى لتغير استراتيجيتنا الدعائية ، ومنها ضعفاً أو حتى خوفنا بقول الحقيقة للعالم وكأننا نخجل من انفسنا ، أن سر قوة الأعلام المعادي هو الأصرار حتى لو على الخطأ او المعلومات غير الحقيقية.

وهذه العملية قد تصيب الجمهور الغربي بالربكة في توزين الأمور ،على عكس الكيان المحتل الذي يركز على نقطة ضعف هو أوجدها فينا وهي شموليته بالطرح لأي حركة أسلامية ودينية بصورة الأرهاب ، فهو من حدد خطوط الرسمة وترك للعالم ملئ الوانها بكل ديمقراطية، وهذا ما يخدمه بالفعل ،بعد أن قام بتنميطنا ونزع عنا صفة الجمال وهذا الأمر خطير جداً حيث إننا كبشر من السهل علينا قتل حشرة مثلاً لاتؤذينا لأنها بشعة وصورتها في عقليتنا بشعة ،ولكن سيكون أصعب علينا قتل غزال او قط جميل مثلاً مع أن الأثنين كائنات مخلوقة ولاتؤذينا.

الأهم في المرحلة القادمة الأصرار وعدم الأرتباك او الخوف من أن نعبر عن انفسنا وتاريخنا وحقنا في الدفاع عن قضايا ضد محددات الغرب التي هو من أوجدها اصلاً ،ليس من المعقول ان يأتي شخص ويسقط علي صفة وأنا التزم بها كأنها واقع واخاف من أظهار وجهة نظري السليمة او دحظ هذه الصورة وليس أنكارها ، المقاومة حق اصيل لكل شعوب العالم ضد الأحتلال ، وفلسطين هي فلسطين كاملة من البحر إلى النهر ،والكيان المحتل لاحق لهُ في شبر واحد من أراضي فلسطين لاتاريخياً ولاشرعياً ، الأعلام المضاد وبكل ماكيناته يصور الأحتلال كواقع ويفرضة علينا كواقع ويجتزء صراع سبعون عام بحادثة وبسؤالين خبيثين يربكان كل ضيف عربي على قناة أجنبية هل تدين حماس ومارأيك بأحداث السابع من أكتوبر ،وللأسف الجميع يرتبك ويخاف من الأجابة ، وهذا كله تراكم مسبق من صوره نمطنا بها و أصبحنا نحن على قناعةبها كأنها واقع.

هذه حقيقة ما نلاحظه اليوم في تعاطينا مع وسائل الاعلام العالمي ، رغم أنني أبن الأردن الذي قدمت قيادتنا الهاشمية والدبلوماسية الأردنية عبر سنوات طوال صورة حقيقية عن عالمنا الشرقي والعربي والعيش المشترك القائم على ثوابت إنسانية عظيمة ومميزة ،اليوم نحن أمام حالة من الخذلان العالمي الذي يساعد في رفع وتيرة الوصول الى بناء المجتمعات الأمنة والتي تنعم بالسلام ونهضة الأنسان في ظل الصمت العالمي المستغرب لدول عنوانها الرئيس حرية الأنسان وكرامته .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :