الحب .. والحرب .. والسجن تربك الحروف!
أحمد سلامة
13-11-2023 01:33 PM
منذ السابع من يوم العبور التاريخي، بمعنى؛ ان بعده لا يشبه ما قبله، لم اقو على الوقوف على رصيف الكتابة… كنت مذهولا بفعل جاء على حين صمت بليد، وكان في ذلك صدمة!!!
واذهلني ان الفعل كله ديني المنبت لتغيير الدنيوي المتعب… وكان في ذلك لحظة اشراق احتجت ان ادورها في العقل!! وفاجأني أن فقراء العرب او اشد من فتك الجوع بهم، صنعوا من سلاحهم رغيف خبز والقوه على موائد الثراء العربي المتهالك الطاعن في النسيان، وكان في ذلك انسجام مع نواميس الطبيعة التي لخصها كارل ماركس ذات ومضة يهودية واعدة (حين تثور الطبقة الكادحة لا تفقد الا قيودها) ولقد فكت غزة بدمها قيدها!!! وستفك قيودا غامضة اخرى..
لم اكتب !! لأنني حاولت أن أفهم ومخلصا بذلت ذاتي للوعي ولم ارتهن للحظة لاضعها في سياقها التاريخي!!!
من لم يلذ بالتاريخ لا عقل له ومن لم يدخل بوابة القادم بدون تاريخه (يكون منبتا) لا اصل له، ولهذا ابدأ الاعتراف بالقول ان الفعل النبيل يلغي مسافات التفاوت في علاقات الناس ويمحي إلى حد كبير الخطوط الفاصلة بين البشر واتجاهاتها..
بهذا المدخل اهنئ كل انسان في جزء من الحركة الاسلامية / بوابتها حماس الفلسطينية التي امسكت باللحظة واخذتها عنوة وببسالة الى غرفة ضيوفها هي واستقبلت المهنئين بشروطها هي
هل قلت (اسلمت اللحظة) ام امسكت بها… في ظني انه لا فرق بين بطولة دلال المغربي (الفتحاوية) وفرسانية صالح الشويعر الاردنية في وادي التفاح الذي لز على الحديد بالحديد وبين مرجلة (الضيف) الذي هتفت له كل مظاهرات الوطن العربي!!
ثمة فرق واحد بين هذا الثالوث الذي شغل الدنيا في زمانه كل ببطولته هو ان (الضيف) كان الوحيد الذي مارس فعله تحت النور وتحت الاضواء مباشرة فالصورة كانت سيدة العرض وليس الكلام الذي يصفه!!
لهذا كان صمتي.. احاول فيه التفريق او العثور على معنى البطولة عبر الصورة المباشرة والبطولة عبر الايحاء بها وصفا بالكلمات!!!
وحاولت بنزاهة تليق بتاريخ الحدث لا وصفا له ان اقول ما اراه من جانبي انه جدير بان اكتب فيه!…
فاقول إن حبا بالشهادة والانتقام من سفاهة وعهر وخسة احتلال طال مداه كان هو السبب في يوم العبور السابع!! والحب لا يوصف اثره ولا سببه (لان الحب بالا تعرف شيئا)… وكانت صورة من صور حرب من حروبنا المتطاحنة مع يهود اوروبا وامريكا (كمستعمرة اثبت وضاعة دورها لدى الغرب المتوحش)، وكشفت هذه الحرب دناءة المخبوء من حقد يصل حد المرض بتدينه المتعصب ضد كل ما هو ممزوج في عقل الغرب من تداخل بين (العروبة والاسلام)..
ولقد ادركت الخسة روح اوروبا كلها بفعل (اورسولا الالمانية) بموقفها الوضيع حين امرت باضاءة كل اوروبا بالنجمة الثعبانية السداسية،
كان هذا الاندغام بين مسيحية الغرب المتعصب واليهودية التابعة التي وظفت لتؤدي دورا حتى لو ذبح اليهود مرات عدة كي تتحقق مكاسب امريكا واوروبا!!!
كان هذا هو اول الكشف في الصراع القادم المدوي بين شرقي المتوسط وشماله
ثمة استخلاصات لا بد من المرور عليها تبدأ بسؤال الحاحي: هل العرب امة دموية دامية ؟! وهل الاسلام ديانة فيها من الارهاب والتطرف
ما صنعه الاستشراق الموظف لمصلحة الاستعمار القديم !؟
وإن لم يكن العرب ولا دينهم كذلك تملوهم الرغبة الدامية بدم الغير فاذا كيف تفسر المواجهة بتكرارها بيننا وبينهم منذ الحادي عشر من سبتمبر وصولا الى داعش وليس انتهاء بالعبور السابع ؟! الشهر الفارط
كيف يفسر هذا التدين الذي يقبع وراء الذبح الموغل في التعصب ؟ هكذا يسأل اهل الغرب !!!
لليهود الاوروبيين سرديتهم المنطقية من وجهة نظرهم حين قرروا ان يبدأ التاريخ بيننا وبينهم منذ السابع من عبور الشهر الماضي. وحين احبذ استعمال (بيننا) اعني امة العرب كافة و(بينهم) يهود اوروبا ومسيحيي امريكا وقبلهم الاوروبيون جميعا!!
هم قرروا ذلك! لكن للسردية وجه اخر!! ثمة خيط في التاريخ بين حدثين ادت الى الثالث مذبحة معرة النعمان على ايدي الصليبين الاوروبيين الثاني عشر من ديسمبر سنة ١٠٩٨ ميلادية كانت مطلع الذاكرة الدامية التي خلدها الصليبيون بتوحشهم وقدرتهم اغماض عيونهم على ذبح البشر كالنعائم دون هوادة ولا رحمة
كانت تلك المذبحة هي الحافز الاول التي دحرت في اقل من مئتي سنة الغزوة الاوروبية القبيحة الاولى للشرق العربي ولقد لاذ العرب (بالدين المقدس) الذي كان عنصر التوحيد لطرد الاوروبي ذلك ان التحضر الذي فعله العربي في قلب اوروبا في اول استيطان راق في التاريخ قام على الدمج والعدالة والتسامح والمساواة لم يغفر للعرب وطردوا بمقدس ايزابيلا وفيرديناتد (المسيحية الاوروبية المتشددة)
كان الذبح الديني على الهوية اول درس تلقاه العرب في معرة النعمان ومن بعدها خيول فرسان الهيكل التي غطست في دماء العرب (مسيحيين ومسلمين) في القدس بذبح اكثر من ٧٠ الفا في ايام ثلاثة وغاصت خيولهم في الدم العربي حتى الركب!!
كان درس معرة النعمان واحتلال القدس هما عتبة الرفض الذي صنعه العرب ومعهم مسلميهم كي يخلع الاوروبي من هذه الديار وتظل عربية وان يردوا الى ديارهم الاوروبية وكفى الله المؤمنين شر القتال
المذبحة الثانية هي مذبحة النكبة لخمسماية قرية فلسطينية بالتهجير واستباحة (الطنطورة الحيفاوية) بالذبح الزؤام!!
في الثالث والعشرين من مايو / ايار سنة ١٩٤٨ كان اول درس يتعلم فيه اليهودي كيف يذبح الاخر.. ما قبل الطنطورة كان اليهودي دوما هو الضحية في مذبحة اوديسا كان هو الضحية ومذبحة باريس لفضيحة درايفوس كان هو الضحية والنازي والهولوكوست كان هو اكثر الضحايا في التاريخ حزنا ورثاء، وكان نصيب اليهودي بانتقاله من دور الضحية الى (الذباح) ان تقرر له ليؤدي هذا الدور في قلب العربي
ففلسطين ليست عند العرب جغرافيا وحسب هي ارض ودين المسيح عليه السلام هناك واليهود الاوروبين يوسعون الاكليروس في القدس ببصاق ابنائهم، وتلك عادة قبيحة تمسك بها اليهود وعروج الحبيب الفادي محمد القرشي الهاشمي عليه اعذب الصلاة واصدق الدعاء الى خالقه كان من قلب فلسطين
واليهود قرروا التحدي للعروبة والاسلام معها فذبحوا اهل الطنطورة امتدادا وتمثلا لما فعله الحلفاء الاساتذة من قتل في معرة النعمان…
إن الظن بان الدماء التي لا تسيل لا تنجب ثقافة ولا تصنع وردا يكون اما جاهلا او مصابا بالعمى او بكليهما!! لماذا شقائق النعمان حمراء
ولم الجوري فيه حمرة قانية!؟
ولم وجنات الصبايا الفاتنات يوصفن بالتورد والحمرة، لان الدم يخلق الدم ويظل صدى حتى يأتي بالشبيه للدم صوت يشبه قرقعة الحديد يذكر بحتمية السداد وان طال الزمن…
اخطأ اليهودي حين ظن ان دم الفلسطيني يحدث في التاريخ في باب التدريب على الذبح واخطأ أكثر حين كرر ذلك بعد قرابة الاربعين سنة
لحظة ان اغلق استاذ وملهم نتنياهو (شارون) ابواب صبرا وشاتيلا وذبحوا من جديد الاف الفلسطينيين…
كان منظرا وحدثا حتى عتاة اليهود مثل مناحيم بيغن تبرأوا من فعلة ذلك المجرم المعقد الذي انتقم الله منه في مرض فريد خصص له (ارئيل شارون) وحرم من منصب وزير الدفاع طوال حياته!!؟
ما هو الرابط بين جرائم المعسكر اليهودي الاوروبي الامريكي وردة فعل العربي؟!
سؤال يحتاج الى استعراض تاريخي مذهل لتكتشف ان وراء كل فعل عربي سبب له ما يبرره
ذبح بغداد، احتلال بيروت، خديعة ابو عمار، ومن ثم الانتهاء منه واستغلال اندفاعه لتحقيق حلم راوده كما افصح عن ذلك الاستاذ بسام ابو شريف في برنامج نيران صديقة مع الاعلامي الدكتور هاني البدري موخرا!!
ثم مذبحة اربد بالنابلم ومذبحة بحر القر في مصر وتدمير المفاعل النووي السلمي العراقي ومذبحة حمام الشط في تونس والانحدار الى اقصى جنون التطرف بمذبحة مذهلة جرت تحت الكاميرات مباشرة في غزة مدتها زادت عن شهر
هذا اليهودي الساذج الاحمق المندفع لخدمة مصالح الغرب الامريكي لم ولن يفهم قوانين الحياة
ستتوقف المجزرة ضد غزة غدا او بعد غد او بعد اسبوع وستعود الجثث اليهودية التي تم قتلها بطيران يهود من غزة الى فلسطين التي احتلت جبرا وغصبا وستخلي حماس اسراها مقابل ان يكون مروان البرغوثي ورفاقه خارج السجن وستعمر غزة لكن لن يكون ذلك إلا جولة من جولات المنازلة التاريخية بيننا وبينهم ولن تكون المنازلات القادمات بهوية دينية كما اتخيل ستكون عربية وستكون اداة تحريكها هذه المرة جزائرية
فلقد شاخت مصر بأكثر من اللازم واثرت الجزيرة العربية بوفرة لا تقوى على الابداع لصناعة الحرب وسوريا اغمضت عينها والعراق بعيد اوغل في المسار شرقا
احسب ان الجزائر بلد المليون ونصف المليون شهيد ستلقن الامة درسا في النضال الوطني والكفاح القومي وستكون الانعطافة القادمة صوب (العوربة)
لم تخطئ حماس ولن تزول لكنها سترتدي ملامح اخرى وبنادق جديدة
الصراع واضح ومحتوم لا احد في هذا الفناء غير العرب الا اذا قبل ان يكون ضيفا عليه ولا احد من العرب بقادر ان يمد بلسانه صوب الاوربة بمعنى اقامة كيان عربي هناك
كفوا عنا ونكف عنكم والا فستتعبوننا باكثر من اللازم ونتعبكم باكثر مما تتوقعون