محاولات زعزعة الاستقرار في الأردن .. لماذا؟
د. عبدالله حسين العزام
13-11-2023 12:40 PM
لوحظ مؤخراً العديد من المحاولات من جهات داخلية وخارجية لإضعاف الإستقرار في الأردن، الجهات الداخلية تقدم نفسها على أنها الطرف الأقدر والأقوى والأصلح والاكثر دراية بمحدثات الأمور عن بقية فئات المجتمع في الشأن العام، وتقدم نفسها على أنها المنقذ للأردن من المخاطر والتحديات من ناحية، وللواقع العربي المتراجع والمتعثر على الخارطة العالمية من ناحية أخرى، وكأنها تملك عصا سحرية، فتحاول اللعب بالعقول بتساؤلات غير بريئة وطروحات غير منطقية، وخير الأمثلة على ذلك.. لماذا لا تعمل الدولة الأردنية باتجاه فتح الحدود مع الكيان المحتل؟ والكل يعلم بأن ذلك الطرح في غاية الصعوبة ما لم يكن هناك تحالف عسكري عربي معلن، لأن قرار بهذا الشكل سيجر الأردن لا محالة إلى صراع مكلف وسينعكس سلبياً على الأمن الوطني والأمن العربي ككل، وسيضعف قدرة الفلسطينيين على المقاومة، وسيقوض الأمل بدولة فلسطينية مستقلة.
والجهات الخارجية تعمل عبر ماكناتها الإعلامية إلى بث الاشاعات والروايات ومحاولة اختراق صفوف الأردنيين، طالت معظمها القوّات المسلّحة الأردنية – الجيش العربي، إضافة إلى تقصد التعتيم على الموقف الأردني تجاه القضية الفلسطينية، وجهود الدبلوماسية الحيوية على المستويين الإقليمي والدولي بقيادة جلالة الملك، وكل هذا بغرض زعزعة الاستقرار في الأردن والحد من دور الأردن المحوري تجاه القضية الفلسطينية وربما يكون ذلك خدمة لايدولوجيا بعض الجهات الداخلية واستخدامها كأداة لإحداث أزمة داخلية في الأردن لزعزعة الإستقرار، سيما وأن بعض الجهات الداخلية تحاول تعزيز حضورها في المجتمع بطرق شتى، ونحن نراها تحاول تصدر المشهد العام هنا وهناك لتحقيق طموحاتها الإجتماعية والإعلامية والسياسية.
من ناحية أخرى نرى أن بعض الجهات الداخلية والخارجية، تعملان وتعتمدان في آن على أساليب ووسائل مختلفة منها العاطفية ومنها التكنولوجية ومنها الرقمية وتبث مفاهيم مناهضة للواقع وبعيداً كل البعد عن القراءات السياسية والعسكرية في المنطقة، حيث يتم اللجوء إلى رفض الطروحات العقلانية والمنطقية، وتلجأ إلى استخدام مفردات ومفاهيم، تهدف إلى تحريض المشاعر واثارة العواطف وإلهابها في المجتمع، وجعلها بديلاً عن العقل والحكمة في إدارة الحياة العامة والتعامل مع التحديات والأخطار التي تحد الأردن من كل صوب واتجاه، علاوة على التعاطي مع القضايا السياسية العربية العالقة.
واقعياً أثبت الأردن بفضل الله عز وجل، وقيادته الحكيمة، ووعي شعبه الشامخ، أنه نقطة الاستقرار الوحيدة في صفيح الشرق الأوسط الساخن، وسيبقى مستقراً بهمة الغيورين والمخلصين من أبناء شعبه الوفي، وصخرة تتحطم عليها كل المؤامرات والمكائد، وتحترق عليها أيادي الغدر والخيانة التي تفكر أن تمتد عليه، وسيظل الأردن كما هو على الدوام يلعب دوراً كبيراً وبارزاً في القضية الفلسطينية اقليميا ودولياً، وسيبقى متواجداً في خندق العروبة، كما وسيظل الأردن المبادر الأول والباحث الرئيسي عربياً عن حلول للقضايا السياسية العالقة التي تؤثر على حياة الشعوب وتهدد حياة الإنسانية ككل، وسيواصل الأردن في تقديم طروحاته المؤثرة عالمياً للحد من اتساع دوائر النزاعات والصراعات على المستويين العربي والإقليمي والدولي، وإيجاد تسويات سياسية، وستبقى بوصلتنا فلسطين وعاصمتها القدس الشريف. مهما حاول الطامعون والطامحون من تصغير الجهود أو تجاهل الحقائق أو التعتيم على المواقف السياسية للأردن والتي تأتي أُوكلها على المسرح الإقليمي والدولي، وستنعكس إيجاباً على المنطقة برمتها، ولكن هذا يجب أن يدعم ويساند بموقف عربي من خلال التوقف عن الهرولة نحو التطبيع مع الكيان المحتل بحثاً عن فرص تحقيق المكاسب الاقتصادية والتجارية.
أخيراً التهديدات اليوم جسام، وتأجيج الصراعات والأزمات في الشرق الأوسط يشمل كافة المستويات الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية والنفسية والإعلامية، والنظام العالمي اليوم الذي تقوده أمريكا كقطب متفرد ومتغطرس في حكم العالم والتحكم بمصيره بدأت بوادره تظهر من خلال الانحياز للكيان المحتل وتبرير قتل الأطفال والنساء وكبار السن وضرب بعرض الحائط للقانون الدولي وكل المواثيق الدولية في الحرب البربرية والهمجية على قطاع غزة في فلسطين المحتلة، يؤكد أن المعركة اليوم فكرية وعسكرية، والانطباع عن الحرب بين الغرب وبين العرب والإسلام، لم يعد كما كان في الأمس مجرد انطباعاً بل أصبح حقيقة وواقع في ظل استمرار العقاب الجماعي واستهتار الدول العظمى بتنفيذ القانون الدولي الإنساني على سكان غزة، ما لم تتوقف الحرب على القطاع في أقرب وقت ممكن.
حمى الله الأردن وطناً وملكاً وشعباً، وأعاد للأمة العربية والإسلامية مجدها وعزها وحقوقها وعلى رأسها إقامة دولة فلسطينية على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية..