بإعلانه قبول استقالة مستشار الأمن محمد دحلان وإحالة عدد من ضباط الامن الوطني إلى لجنة تحقيق ونيته تعديل قانون الانتخابات يكون رئيس السلطة الفلسطينيه محمود عباس قد قطع شوطا طويلا في إعادة ترتيب البيت الفلسطيني بعد الانقلاب الحمساوي في غزه, وهو ما انتظره الكثير من الفلسطينيين واستعجلوه إلا أن ابو مازن الحقوقي آثر انتظار نتائج التحقيق الذي قامت به لجنة ضمت بالاضافة لرجال القانون قادة عسكريين وسياسيين لتأتي النتائج متكاملة من الجهات كافة .
ومعروف أن اللجنة استمعت إلى عشرات المسؤولين الامنيين والسياسيين من بينهم عباس نفسه لتكتشف أن آلافا من افراد قوات الامن التي كان يقودها دحلان كانوا يتعاونون سرا منذ سنوات مع حركة حماس ولعل في هذا ما يفسر القبول السريع لاستقالته التي يبدو انه لجأ إليها خشية إقالته . واعلان عباس عند تسلمه التقرير أن كل من قصر سيعاقب ومن أبدى الشجاعة سيتم تكريمه .
والواضح أن تعديل قانون الانتخابات يستهدف منع حماس من الحفاظ على أغلبية برلمانية كالتي فازت بها العام الماضي, والهدف ليس إعادة فتح إلى الواجهه كما قد يتهم البعض عباس وانما المضي في العملية الساسية إلى غاياتها خاصة بعدما قيل من أن الرئيس الاميركي يعمل على أن ترى الدولة الفلسطينيه النور خلال عام ( أي خلال ولايته ) .
الانتخابات المقبلة ضرورية على أن تكون تشريعية ورئاسية في نفس الوقت وفي الضفة الغربية وقطاع غزة لإعادة الاعتبار لموقع رئيس السلطه , وهو الموقع الذي لم يقرر عباس بعد الترشح له وللمجلس التشريعي المتوقف عن العمل بسبب اعتقال اسرائيل لعدد كبير من اعضاءه ومقاطعة جلساته من جانب تكتلات منافسة.
وإذا كانت خطوات عباس مرفوضة من قادة حماس فان الرجل يلجأ إلى ( أبغض الحلال ) لشعوره بجدية جديدة من جانب اسرائيل لم تمنعه من التشديد على ان الفلسطينيين يريدون التفاوض بشأن كل المسائل الحيوية أو ما يسمى قضايا الوضع النهائي كحزمة واحدة.
وهو إلى جانب ذلك كله يواصل دعوة إنقلابيي غزه إلى العودة عن ما اقترفوه بحق الشعب الفلسطيني. في حين يسعى هؤلاء وخاصة زعيمهم خالد مشعل لتوسيط موسكو من خلال اتصالات يجريها مع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف لإبلاغه أنه لا توجد عقبات أمام التعاون بين فتح وحماس لاقامة دولة فلسطينية, وأن حركته تساند بقوة وحدة الشعب الفلسطيني تحت قيادة عباس, المعروف بأنه يتمتع باحترام شديد من القيادة الروسيه بصفته الشخصيه ولكونه الرئيس الشرعي المنتخب للشعب الفلسطيني .
ما يبدو مؤكدا أن انقلاب غزة الحمساوي فتح أعين عباس على مجموعة من الحقائق المرة التي أغفل معالجتها في حينه لانشغاله بالامور التفاوضية والعملية السياسية , وهو يدرك الآن أن نجاحه في تلك العملية مرهون بنجاحه في إعادة ترتيب البيت الداخلي واجتثاث الفساد حيثما كان وكائنا من يكون مقترفه وبأي مظهر يتبدى فيه ذلك الفساد , متجاوزا التعريف الساذج له والذي يحصره في الفساد المالي .
يمضي عباس في خطواته الاصلاحية مديرا ظهره لنتائج الاستطلاعات الممولة من إنقلابيي غزه والتي يتحدث بعضها عن تفضيل هنيه ويبشر آخر بنجاح كاسح لمرشحي حماس للتشريعي وهو يعرف ان هؤلاء يتحركون بأجندة اقليمية ترسم في قم وطهران بينما نعرف جميعا ان رئيس السلطة الفلسطينية يتحرك مسلحا بشرعية انتخابه وبدعوات شعبه وبتأييد كل العقلاء من الحكام العرب ومدفوعا لانتزاع حق شعبه في إقامة دولته المستقله , وهو حق يناضل عباس في سبيله من قبل أن يولد مشعل