فايز باشا يقوم ببث الأمل, وفي كل حضور على قناة الجزيرة يؤكد أن المقاومة ستنتصر.. وفايز بشكله وبطريقة الإلقاء, وبوجهه وتضاريسه الخشنة.. لو أرسلته لكندا ومشى في الشارع ستعرف أنه (أردني).. دون أن يتفوه بكلمة واحدة.
الناس مسكونة بالأمل, وما يحدث في غزة لا يقع في باب الحلم, بل يقع في باب الحقيقة.. فالصور والفيديوهات التي تنشر, وما حدث في 7 أكتوبر, ليس مثل خطابات صوت العرب: (تجوع يا سمك البحر).. وما يقوله الناطق باسم المقاومة, لا يقارن بما قاله البعض في معارك سابقة وتبين أنه مجرد هراء.. ما يحدث في غزة من تدمير للدبابات ومن أسر لكبار جنرالاتهم, ومن قتل يقع بهم.. كله حقائق ترصدها الكاميرات.
لهذا سرق فايز قلوب الناس, كونه استند على واقع ملموس ومرئي.. وحلل حالة النصر كما يجب, والأهم أنه رفع من معنويات الناس, التي كانت تتعب أحيانا..
فايز ابن المؤسسة العسكرية الأردنية, وما يمتلكه من خبرات هو نتاج الدورات التي تلقاها, نتاج الرحلات الخارجية, والدراسة في أرقى المعاهد والكليات, فمن المستحيل أن يصل ضابط في جيشنا إلى رتبة لواء دون أن يكون قد حصل على أعلى تأهيل واكتسب المهارات المطلوبة.
في حرب روسيا وأوكرانيا وفي الأزمة السورية, كانت تحليلات فايز لا تعجبني.. ليس لأنها تصب في مصلحة الخصوم, ولكن لأن الواقع كان نقيضا لها.. لكن في حرب غزة أبدع, والسبب أن شعوره القومي والوطني صاحب التحليل, هو لا يقدم تحليلا مجردا من العاطفة بل يقدم تحليلا مصحوبا بنشوة النصر, وتلك حقيقة فالنصر ملموس وجلي أمامنا..
ما يعجبني في فايز أنه يرتدي ساعة ثمنها (40) دينارا, وهي لقياس الضغط ونبضات القلب وأظنه يلبسها لغاية صحية, وما يعجبني في فايز أيضا أن كل ربطات العنق التي يرتديها والبدلات, اشتراها من هنا من عمان, وما يعجبني به أكثر أنه حين يقف في الإستديو يقف بوضع عسكري بحت.. وتشعر أنه بانتظار رئيس هيئة الأركان, أو أنه قد خرج للتو كي يفتش على أحد الألوية, أو أنه يستعد لإعطاء محاضرة في كلية الدفاع.
هذا الشخص تقاعد من الجيش, لم تقم المعارضة بأخذه, ولم يجلس في منزله.. وينتظر صرخات الأصدقاء: (جيرة الله يا باشا ع العشا), ولم يخض الإنتخابات.. أعاد بناء نفسه من جديد, وأصبح محللا عسكريا محترفا, وحين أقول محللا.. فهو يستحق اللقب بجدارة, كونه أمضى ما يزيد عن (30) عاما في خدمة الجيش والقوات المسلحة, ووصل لأعلى الرتب.
شكرا لفايز, فقد قدم نموذجا للعسكرية الأردنية النجيبة.. العسكرية التي تحترم البندقية وفي ذات الوقت تحترم العقل أيضا.. وقدم نموذجا للأنفاس القومية والوطنية الصادقة..
للعلم الساعة التي يرتديها فايز، تقيس ضربات القلب...وأظنه يرتديها لأن كل مشهد تبثه المقاومة لانتصاراتها، حتما تتصاعد فيه ضربات قلوبنا...هي ساعة النصر أيضا يا فايز.
الرأي