ما وراء جدار الحرب الإعلامية والنفسية على غزة؟
12-11-2023 07:08 PM
عمون - من شيما ابو لباد - تكمن الحقيقة في التضليل الإعلامي الذي يحدث في زمن تسارع التكنولوجيا الرقمية ووسائل الإعلام الاجتماعية بإظهار إسرائيل كضحية أو كمعتدى عليه، مع العلم أن هذه الممارسات هي غير قانونية وأن الأخبار الكاذبة تنافي كل المعايير المهنية والموضوعية، كل ذلك في ظل الأحداث المرتبطة بسرعة وصول الأخبار المصحوبة بحقائق مخفية عن غرب أو شرق العالم وراء صورة مشوشة... إلى متى؟.
بالإشارة هنا إلى المادة 19 من العهد الدولي الخاص بحقوق الإنسان نرى أنها تحضر بالقانون أية دعاية للحرب أو أية دعوة للكراهية القومية أو العنصرية الدينية تشكل تحريضا على التمييز والعداوة والعنف، بينما نصت المادة 20 أن لكل إنسان الحق في اعتناق أرائيه دون مضايقة، ولكل إنسان حق في حرية التعبير.
*11 ألف شهيد منذ 7 أكتوبر ماذا بعد؟
منذ 7 أكتوبر لليوم ارتكبت "إسرائيل" مجازر عديدة بحق الفلسطينيين في غزة خلفت ورائها 11 ألف شهيد منهم 4506 أطفال 3027 نساء و678 مسنا ووصل عدد الجرحى إلى27490 مصابا.
بدأت مواقف الدول بالتجلي عبر إدانة طرف ما أو استنكار الأفعال المعارضة للقانون الدولي وحقوق الإنسان، فمن الدول من كان مدافعا عن إسرائيل في حقها في الدفاع عن نفسها مثل الولايات المتحدة الأمريكية والهند والصين، وهنالك دول أوروبية طالبت بهدنة إنسانية منها جمهورية أيرلندا، بينما ألقت روسيا اللوم على الولايات المتحدة الأمريكية وطالبت بتحقيق السلام وإنهاء الحرب، في الجانب الآخر قطعت بعض الدول علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل مثل الأردن وكولومبيا وتشيلي وبوليفيا.
*هل هذه الأخبار هي دعاية للحرب أم لا؟
قال عضو مجلس نقابة الصحفيين الأردنيين، الأستاذ خالد القضاة، أن الحركة الصهيونية تتحكم بكبريات المؤسسات الإعلامية والآن انتقلت للتحكم في شبكات التواصل الاجتماعي لمعرفته بقوة تأثيرها وقوة وصولها وانتشارها الواسع ومعرفتها في إدارة الحوار في مختلف القضايا ومعرفتها في تشكيل رأي عام فكان هنالك تقييد بشكل ممنهج من خلال البحث عن بعض العبارات التي يستخدمها العرب في التعريف للعالم ما يجري بغزة والدفاع عنها وتقييد هذا المحتوى بأكثر من اتجاه.
*من تقييد المحتوى الداعم إلى تحرير المحتوى المعادي
نوه القضاة إلى العديد من أنواع التقييد الذي يمنع وصول المحتوى المؤيد والمدافع عن القضية وهو التقييد الفردي للشخص نفسه أو تقييد المحتوى المدافع عن القضية بشكل عام ويتمثل ذلك على سبيل المثال في منع المحتوى الأردني من الخروج خارج الأردن، أو العكس تماما إتاحة المحتوى الأوروبي وخاصة المحالف لحركة العدوان على غزة بتسليط محتواه للعرب بهدف زرع إحساسهم بالهزيمة وتثبيط معنوياتهم وتأطير مفاهيم الجيش الذي لا يقهر، ومحاولة الوقوف على الحياد والعمل على خلق بيئة مناصرة للعدوان على غزة.
أضاف القضاة أن تبرير ذلك بأن إسرائيل تدافع عن نفسها، ولا يذكرون أن هذه أرض محتلة أ أن غزة تعرضت للحصار والفصل العنصري منذ سنين، لكن تكمن المشكلة في هذه الحرب الإعلامية أن جميع الخوارزميات التي تقيد وصول المحتوى العربي للعالم سهل التحكم بها من قبلهم على سبيل المثال المحتوى الأردني لا ينتشر إلا داخل الحدود الجغرافية للأردن وكان العرب يخاطبون بعضهم البعض ولا يساهمون في التغيير والتأثير في الرأي العام العالمي.
وأكد القضاة أن للوعي الإعلامي في هذه الحرب نقطة جوهرية ومهمة لنا جدا من حيث التفاعل مع المنشورات المتعلقة في الموضوع، تكثيف النشر بلغات مختلفة، ذكر حقائق وأرقاما وصورا داعمة، الاتجاه نحو تويتر بشكل أكبر لما يتميز به من مساحات أعلى في الحوار وأيضا ربط جميع الانتهاكات التي تحدثا بقانونيتها دوليا مثل توصيفها بجريمة حرب ومعارضتها مع القوانين الإنسانية ومواثيق الأمم المتحدة هو أمر غاية في الأهمية.
وأضاف القضاة أن كل هذه الإجراءات للآن بدلت الرأي العالمي بسبب المسيرات والضجة الكبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي وأدى ذلك إلى نقل المظاهرات كالعدوى من مدينة عربية لأخرى وثم من إلى الدول الأجنبية، وهكذا بدأ صوتنا يعلو وبدأنا محترفين أكثر في إدارة معركتنا.
*قابل التضليل بالتضليل
قال رائد أعمال والخبير التقني عمرو حسين، إن مصلحة الكيان المحتل والمنصات الإعلامية في هذه المرحلة هو عدم تكوين رأي عالمي داعم للقضية، وهذا هو سبب تعتيمهم وتضليلهم للمحتوى الداعم، حيث إنه عند التكلم عن القضية تقوم المنصات الإعلامية الكبرى مثل فيسبوك وأنستغرام بتطوير خوارزمياتها علة أساس حجب المحتوى المنشور للجمهور المطلوب.
اليوم يوجد العديد من التوجيهات التي ممكن أن تساعد في وصول المحتوى بشكل أسهل وتخطي تلك الخوارزميات منها عدم إيصال الرسالة بشكل واضح أنما استخدام كلمات تلميحية، عدم استخدام الهاشتاج لأنه ممنوع من الانتشار وفق الخوارزميات الموجودة، الابتعاد عن الكلام الصريح وأخذ مسميات مختلفة واستبدال الكلمات المحفورة بكلمات أخرى، استخدام الملصقات التفاعلية والويلز، وهكذا يمكننا مواجهة التضليل بالتضليل حتى لو بأقل الإمكانيات.
*من تضليل إعلامي إلى انتهاك في حقوق الإنسان
قال الباحث في شؤون الاتصال الصحافي حسين الصرايرة، أن التضليل الإعلامي ينتهك حقان أساسيان الأول هو حق الرأي والتعبير، وحق المعرفة الذي يتطلب بأن كل ما ينشر يجب أن يكون صحيحا، من أجل عدم تشويه المعتقدات الخاصة بهم، الآن تشويه المعتقدات يتسبب في سلسلة من الانتهاكات الأخرى منها العيش في أمان لأن هذه المعلومات المضللة هدفها هو استهداف بعض الناس والمساس في حقهم.
*أكثر من مليون وستمئة ألف منشورمحذوف تكلم عن حماس وغزة
أكد الصرايرة على أنه لا يوجد ما هو صحيح أو خاطئ بشأن ما تقوم به منصات التواصل الاجتماعي من نشر أو حجب للمحتوى الداعم، التي أعلنت وأمدت أنها حذفت أكثر من مليون وستمئة ألف منشور على وسائل التواصل الاجتماعي لأنها تحدثت عن غزة وحماس، لأنها منصات خاصة لك أن تنشر عليها أو لك أن تقاطعها، لكنها مسؤولة أخلاقيا ان لا تنشر معلومات مضللة كانت تعرف أنها مضللة.
*"رخصة لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي"، هل هذا ممكن؟
قال الصرايرة بأنه بالنسبة لوعي المواطن، في فترة انتشار الإنترنت كان هنالك رخصة لاستخدامه، اليوم هل يجب أن يكون رخصة لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي والفضاء الرقمي؟ بالطبع هذا مستحيل لأن برامج التربية الإعلامية والمعلوماتية المنتشرة حول العالم تستطيع الوصول لكل الناس لأن هنالك سرعة كبيرة في انتشار هذه المنصات، لكن هنالك مهارات غائبة عن المواطن تكمن في تمييز المعلومات المغلوطة من غيرها، فهنالك الكثير من المعلومات المضللة التي لا يستطيع معالجتها.
وأكد الصرايرة أن هنالك أربع ممارسات إيجابية يجب على الجميع الوعي بها أولا، الوصول والتأكد من المعلومات ومصادرها، ثانيا تحليل المواد والتأكد من إجابتها على الأسئلة الصحفية الستة ومدى إقناعها، ثالثا تقييمك لهذه المواد فيما إذا كانت موجهة أو مضللة، وعليه علينا الوعي التام في كيفية تمييز المعلومة الحقيقية من المضللة، بالإضافة لتحمل المسؤولية بفهم كبير للحقائق والتحديات وأدراك كيفية معالجة الحرب الإعلامية بشكل ذكي لعمل تغيير حقيقي.