هل وصل الحال بنا إلى أن تنهش الكلاب الضالة أجساد الشهداء منّا، هان الفلسطيني حياً، تأكل الكلاب أجساد الشهداء الملقاة على الطرقات في شوارع غزة بشهادة وعلى مرآى عين الدكتور يوسف أبو الريش المحاصر مع المرضى وبقية اللاجئين داخل مجمع الشفاء الطبي. يكفر بالله من يصمت، مجرم من يصمت، شريك الكلاب من لا يحرك ساكناً.
لماذا لا يتفاعل الضمير مع أفلام حية تبث على الهواء مباشرة من غزة وضواحيها، لأصوات أنين الأطفال تحت ركام القصف الإسرائيلي لبنايات سكنية في بني سهيلا قرب خانيونس مثلاً؟ فيلم اسمه "أنين تحت الركام"، أو فيلم نهش الكلاب الضالة لأجساد الجثامين في محيط مستشفى الشفاء، اسم الفيلم: "كلاب تنهش أجساد الموتى"، أو فيلم بعنوان: "شطب سجل مدني"، أو فيلم بعنوان: "العودة إلى الحياة"، لطفلة انتشلت حية من تحت الركام بعد ثلاثة أيام من قصف بيتها، أو فيلم آخر عنوانه: "لست وحيدة"، لطفلة فقدت كل أسرتها، ولم يبق لها من سند إلا الله.
كثيرة هي الأفلام المقترحة، منها مثلاً: "الهجرة الثانية" يتحدث عن رجل تسعيني أحدب الظهر، يسير على طول الطريق من شمال غزة إلى جنوبها عبر شارع صلاح الدين سيراً على الأقدام، يتوكأ على عصا، ويشاهد جثث أبناء وطنه ملقاة على قارعة الطريق، ويعود الفيلم "فلاش باك" للرجل وهو يتذكر هجرته الأولى عام 1948 عندما وصل إلى غزة هارباً من بطش عصابة "الهاغاناة" في قريته "قولة" قضاء الرملة، وربما فيلم: "الشقيقتان" الذي يحكي قصة قتل الطفلة سارة التي دفنت دون شقيقتها يارا التي بقيت تحت الركام لمدة ثلاثة أيام قبل انتشالها، ووضعها في القبر في حضن سارة.
لدي عشرات الآلاف من أسماء لأفلام مقترحة، منها مثلاً "نموت معاً" لأطباء رفضوا ترك مرضاهم في الشمال، أو فيلم بعنوان: "حكاية الخُدّج"، أو "صراع البقاء" الذي يحكي عن حلول لا تخطر على بال لإدامة الحياة، أفلام كثيرة منها ما هو مرتبط بالحب كما الحرب، أو خليط مربك من حب وحرب، قدوم الشاب ميسرة الريِّس من لندن وزواجه، قبل أن يلقى مصرعه وزوجته قبل عودته إلى لندن، ويمكن تسمية الفيلم: "الفرحة الأخيرة"، أو "زواج من أجل الموت"، أو "زفاف في الآخرة"، وبالطبع يمكن إنتاج فيلم عن كيف سقطت اللغة العربية كلغة، وفُعِل بها في قاعة مؤتمر القمة العربية والإسلامية، نُصِب المرفوع، ورُفع المنصوب، وكُسِر المرفوع، واعتدي على الضَّم، وكثرت الفتحات، وقل الجزم، لم يوقف المؤتمر حرباً، ولم يكسر الحصار عن مستشفى الشفاء، والحال من أسوأ، إلى أسوأ من الأسوأ.