الملك ومشروع التحالف الدولي للأمان
د. حازم قشوع
12-11-2023 11:54 AM
أكاد أجزم ان الخطوة الإجرائية الوحيدة التي يمكن البناء عليها من قمة الرياض ومقراراتها الطويلة هي خطوة بناء مشروع للتحالف الدولي يقوم على حماية المقرارات الدولية من ثنائية المرجعية القائمة بين (قوة القانون وقانون القوة) بينما تاهت بقية مقراراته بين مسائل التنديد ومضامين الشجب والإستنكار، ولم تتناول خطوات إجرائية سوى ما تعلق منها بتشكيل تحالف دولي ضاغط من أجل المحافظة على سيادة القانون الأممي وسلامة الشعوب ووقف ثنائية المكيال في التعاطي مع القضايا والوقوف مع صوت العدالة ضد سوط القوة الغاشم في كل المساحات الدولية من أجل السلم الدولي والسلام الإقليمي وهو المقترح الذي بينه جلالة الملك في كلمة خلال قمة الرياض.
وهي الخطوة التي كان ينبغي من قمة الرياض تأطيرها وإستثمار جوانبها في ظل وجود هذه الحواضن الشعبية في كل الشوارع العالمية والتي تابعت مجرياتها إنعقاد هذه القمة وكانت تأمل أن تتخذ فيها إجراءات عاجلة تسمح بفك الحصار عن غزة "انسانيا" من أجل حماية معبر مصر من جميع الدول المشاركة لإيصال المعونات الصحية للمستشفيات وتقديم الإغاثة المعيشية للمهجرين .
وهذا ما كان يمكن بيانه لو تم اطلاق مبادرة بمشاركة الجميع كونها ستجيب بمضمونها العام لنداءات كل المنظمات الدولية وليس فقط للأصوات الشعبية الصادرة من غزة التي يسمعها الجميع عبر شاشات التلفزة المختلفة، ولأهمية هذا الجانب فإنه يمكن إستدراكة مع لجنة المتابعة التي إنبثقت لمتابعة أعمال هذه القمة .
وكان يمكن أيضا إستثمار هذه القمة سياسيا من أجل إنصاف قضايا جنوب العالم بشكل عام من غطرسة شماله الذي أخذ يتعامل مع جنوب العالم بإعتباره (كعكة لموارد بشرية وطبيعية) وبات يتعامل مع مجتمعاتها بإعتبارها مجتمعات مستهلكة لمنتجاته وتشكل أسواق تمتلك مواد بشرية وموارد طبيعية يجب إستغلالها بالقوة الفظة أو بالقوة الناعمة من أجل تنفيذ برنامج الدول الصناعية بالتحكم والسيطرة لاسيما وأن قمة الرياض جمعت 57 دولة عربية واسلامية جميعها من جنوب العالم وهو العامل الذي كان يخولها من إطلاق رسالة معبرة قد تخلط الأوراق السياسية في ظل حالة التصارع القطبي السائدة ..
وهو ما كان يمكن تحقيقه وتأطير محتواه عبر برنامج بناء التحالف الدولي لهذه الغاية أطلقه جلالة الملك بهذه القمة بطريقة مباشرة كونه يحمل مضمون سياسي قادر للضغط على البيت القرار الأممي بقضايا عديدة ويمكنه وضع ميزان للضوابط والموازين لا تقف مطالباته عند وقف إطلاق النار على غزة أو حتى عند تنفيذ جمل سياسية يراعي فيها إطلاق مفاوضات سلام جادة لكنه يتعدى ذلك بكثير للوصول لآفاق أوسع تعمل لوقف سياسية الاستقواء المتبعة ووقف مشاريع إعادة الترسيم للجغرافيا السياسية القائمة التي لن تقف عن سطر هنا أو عبارة هناك بقدر ما ستدخل الجميع في منهجية الترسيم القادمة من على أرضية عطاءات قد تحال لمشروع بيرنارد لويس أو لمشروع الإحتواء الإقليمي قيد التنفيذ .
إن تنفيذ مشروع التحالف الدولي للأمان الذي اقترحه جلالة الملك ليكون خير حافظ للقرارات الاممية من أجل سلام المنطقة وسلامة شعوبها كونة يشكل بمضمونة نقطة ارتكاز مركزية توائم بين ما يمتلك مصادر القوة العسكرية والصناعية والمعرفية وبين من يستهلكها من المجتمعات النامية، كما أن هذا التحالف ينتظر أن يضع حد لحالة الاستباحة السائدة التي بان اوجهها في كيفية التعامل مع الشعب الفلسطيني بأحداث غزة..
وذلك لما احتوته هذه الأحداث من رعونة وإفراط بإستخدام القوة لفرض سياسيات أحادية وإستقواء على القانون الدولي حتى انها تجاوزت في غييها كل الأطر الإنسانية ولم تراعِ حتى القيم الاخلاقية في تعاطيها مع جملة التنفيذ العسكرية عندما استباحت المستشفيات ودور العبادة وانطلقت ترسم صورة مزيفة لقضية عدالة تسعى من أجل التحرر وتناضل من أجل الاستقلال متستخدمة بذلك اساطير غيبية من أجل تمكين مشروع الدول الصناعية (إسرائيل) من مجتمعات المنطقة وهي الدولة التي أخذت تتعامل باستقواء وتعالٍ وتتخذ من الهيمنة وسيله لها لبسط نفوذها بواقع روابط أمنية رفضتها شعوب المنطقة بشكل العام كونها مناوئة للحرية والديمقراطية التي تتخذها المجتمعات المتقدمة وسيلة لها بنماذج العيش فيها، وهي الصورة التي اراد ارساءها جلالة الملك عبر مشروع التحالف الدولي للأمان.