الملك من الرياض: الحل العادل أو فلنستعد لانفجارات قادمة
رومان حداد
12-11-2023 11:46 AM
إطالة أمد الحرب على غزة سيوسع ساحة الصراع إقليمياً، والعالم سيدفع ثمن الفشل في حل القضية الفلسطينية، ولوقف النزاع المستمر لا بد من حل عادل للقضية الفلسطينية أساسه حل الدولتين والاعتراف بدولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
هذا ما قاله جلالة الملك عبدالله الثاني في قمة الرياض العربية الإسلامية، وهو الذي تمسك بوضوح أن أي عملية تهجير جماعي قسري لأهل غزة يعتبر جريمة حرب، وأن الأردن لن يتوقف عن إرسال المساعدات لأهل غزة وإيصالها لهم، بكل السبل الممكنة.
ما قاله جلالة الملك في الرياض هو تأكيد لموقف الأردن الذي لا يلين، وتأكيد من جلالته للعالم أن حل الدولتين، الذي لا ترغب به إسرائيل ولا تدعمه الولايات المتحدة إلا لفظياً، بات هو الحل الوحيد على الطاولة للخروج من الأزمة الحالية والمأزق المستدام للقضية الفلسطينية.
ولا يمكن البدء بمسار الحل قبل وقف فوري لإطلاق النار، وإيجاد ممرات إنسانية آمنة لوصول المساعدات الإنسانية لغزة، وضمان إيصال الماء والكهرباء للقطاع، وإعادة عمل المستشفيات، والعمل على إعادة النازحين إلى مناطقهم.
جلالة الملك أكد في كلمته ضرورة البدء بعملية سلام جادة، كما وصفها جلالته، في الشرق الأوسط، وعدم السماح بإعاقتها تحت أي ظرف، وهو ما يعني أن على جميع الأطراف أن تكون جاهزة وقابلة للدخول بعملية تفاوض تهدف للوصول إلى حل الدولتين، سواء طرفا الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أو الأطراف الراعية لهذه العملية.
كما يجب أن تكون عملية السلام سريعة، فإطالتها عبر ما يمكن تسميته بماراثون المفاوضات سيؤدي إلى إخراج عملية السلام عن مسارها، فإطالتها يُدخل اليأس في قلوب الشعوب، ويعطي انطباعاً بلا جدوى العملية كونها لا تنتج أي تغير ملموس على أرض الواقع، ولا تبدو أنها تسير باتجاه تحقيق الهدف المرجو منها.
كما أن الوصول للسلام العادل والشامل يتطلب تحقيق عدة شروط من قبل طرفي النواع، وأول هذه الشروط هو شرط التمثيل، بمعنى أن من يجلس على طاولة المفاوضات يجب أن يمثل الطرف الحاضر عنه، وهذه الإشكالية تظهر اليوم لدى طرفي النزاع، وهي إشكالية يجب العمل على حلها بسرعة، بمعنى أن على الفلسطينيين أن يتوافقوا فيما بينهم، ويصلوا إلى صيغة تمثيلية عنهم مرضية لجميع أطراف المعادلة الفلسطينية، دون مغالبة أو مكاسرة من أي طرف.
وعلى الجانب الآخر، فإن على الحالة الإسرائيلية الوصول إلى توافقات داخلية، بعد أن حدث شرخ طولي وعرضي داخل البنية السياسية والاجتماعية الإسرائيلية، بوصول اليمين المتطرف إلى السلطة، واستبعاد طيف من يمين الوسط بالإضافة إلى غياب اليسار الوسط والمكون الفلسطيني عن طاولة القرار، ورغم ما يمكن اعتباره أنه أمر بسيط، ولكنه قد يكون أكثر تعقيداً مما تظن الغالبية.
ما حدده جلالة الملك عبدالله الثاني من خطوات ضمن خريطة الطريق الواجب اتباعها إقليمياً ودولياً لحل القضية الفلسطينية قد يكون هو طريق النجاة الوحيد لهذه المنطقة، وإلا فإن تصاعد حالات التطرف لدى طرفي الصراع سيكون هو البديل، وهو ما سيقود المنطقة إلى مزيد من الاحتقان والاصطدام الدموي، ما قد يتحول إلى ثقب أسود سياسياً وعسكرياً بصورة تجذب دول العالم إلى أن تكون طرفاً مباشراً أو غير مباشر في هذا الصراع دائم التفجر.
يُقال إن الحقيقة هي أولى ضحايا الحرب، وأقول إن صوت الحكمة لا يجب أن تعلو عليه أصوات القذائف والصواريخ، وعلى العالم أن ينصت ويثق أن صوت الحكمة تنطق به حنجرة عبدالله الثاني لا صواريخ وقذائف وقنابل إسرائيل.
"الرأي"