يحدث أن تكون شاهداً على تاريخ جديد
بسمة العواملة
12-11-2023 11:23 AM
لم اكن اتخيل يوماً أن اشهد احداثاً كالتالي مرت خلال شهر تشرين أن اكون جزءا من تاريخ يقال انه حديث، رغم أن كل ما شهدناه مؤخراً يشي بأننا عدنا الى ما قبل الحرب العالمية بقسوتها و وحشيتها ، فقد عدنا الى ما يشبه شريعة الغاب حيث لا قانون تحتكم اليه الدول و لا شرعية دولية و لا حتى قيم اخلاقية او إنسانية .
وتعود بي الذاكرة الى الوراء عندما كانت تحدثني أمي رحمها الله عن ما يسمى أيام النكبة وكيف تم تهجيرهم من ارضهم وبيوتهم و كيف صدقوا وعوداً بالرجوع، كانت تحدثني ولا تمل من تكرار الرواية ولا أمِلُ أنا من سماعها رغم أني حفظتها عن ظهر قلب، ولم ازل أذكر كيف كانت تفيض عينيها بالدموع العصية وهي تستذكر شريط ذكريات احداث النكبة وكأنها لم تزل تعايشها بتفاصيلها المملة
آه يا أمي كيف لي أن اخبرك بانني شهدت يوم أمس ما هو اقسى واشد الماً من النكبة الأولى، كيف اخبرك ان قلبي انفطر وفاض الماً و حزناً على اهل غزة على نساءها و اطفالها شيبها وشبابها، بيوتها ومدارسها مساجدها وكنائسها ترابها وسماءها بحرها وهواءها، ما بقي حجراً فيها الا نزف دماً .
يا الله كيف لهذا أن يحدث في ظل ما يسمى منظومة الحق في الحياة، كيف سقطت منظومة حقوق الانسان بيد من شيدوها، كيف اسقط المجتمع الدولي كل ما بناه منذ صدور الاعلان العالمي لحقوق الإنسان لاجل ضمان الحرية العدالة والمساواة لجميع شعوب الأرض.
فكيف لنا بعد اليوم أن نعلم ابناءنا في المدارس تاريخ الثورة الفرنسية وقد سقطت كل مبادئ الثورة امام اعين العالم اجمع دون خجل او وجل، اظننا يجب أن نعيد صياغة مناهجنا بتعليم النشء تاريخ اقرب ما يكون الى الحقيقة و الواقع، فلنعلمهم كيف نشأت ونجحت ثورة التحرير الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي، او نعلمهم كيف نجحت حرب المقاومة في فيتنام ضد امريكا، لنعلمهم أن المقاومة مشروعة و ليس كما يروج الغرب بانها مرادف للارهاب، ليتعلموا أن من حق اصحاب الأرض مقاومة المحتل والدفاع عن كل شبر فيها وضرورة استمرار السعي لاستعادتها، والوقوف في سبيل ذلك امام جميع المحاولات لطمس الهوية والتاريخ وحتى الذاكرة .
فالازدواجية اصبحت مقيته، فلا يجوز لنا ان نعتبر حركات المقاومة مشروعة لشعوب، ولشعوب اخرى مرفوضة وتُحارب بذريعة الارهاب
فما دام هناك احتلال حتماً هناك مقاومة.
فبعد كل ما شاهدناه من مجازر و إبادة جماعية وتهجير قسري لاهالي غزة سيكون هناك كثير من المتغيرات على المستوى الدولي و الإقليمي سيكون هناك إعادة نظر في مدى نجاعة وجود كثير من المؤسسات والمنظمات التي تعمل في مجال حماية حقوق الإنسان على المستوى الدولي والإقليمي وسيكون هناك ما يشبه النظام العالمي الجديد والذي لا ندري حينها ماذا سيطلق عليه.
"الدستور"