لله درك يا تشرين كم أنت ذوّاق في خطف من نحب، تأخذهم بلا استئذان، تتركنا نعاني ألم الفقد ولوعته، نتظاهر بالفرح وبداخلنا يستوطن الحزن ويتمدد.
في صغري كان يؤلمني أن أرى صديق أو قريب أصابه اليُتم، كنت استشعر ضعفه حتى لو بدا صلبا، اتحسس هشاشته مهما اشتد، ألحظ تخبطه لو حاول التماسك، لم أتصور أن كأسه يسير نحوي ليذيقني مُرّ ما ذاقوا، فغدوت اليتيم المكلوم.
ثمان سنين والشوق يكابدني إليك، أطالع صورك فأُمتّع ناظري في مُحياك البهي استحضر معانيك الكبيرة، شمائلك النبيلة، نفسُك الجميلة، قلبك الحاني، أقوالك اللينة الرزينة، احكامك الدقيقة، توصيفك الصائب، ميزانك العادل، فضائلك الحيّة التي يصدق فيها قول الإمام الشافعي - رحمه الله تعالى -:
قَد مَاتَ قَومٌ وَ مَا تَت فَضَائِلُهُم
وَعَاشَ قَومٌ وَهُم فِي النّاسِ أَموَاتُ
أتحدث إليك في كل موقف احار فيه افتقد توجيهك لي، نُصحَكَ الملفت، حزمُكَ المغلف بالابوة.
أتحدثُ عنك لأنكَ المُلهِم والقائد لأنك الفخر الذي ازهو به في ميادين الحياة، لأنك المنقذ الذي كلما قذفتني أمواج الحياة وجدتُ شيئا من مواقفك النبيلة مع أحدهم فيأخذني إلى شاطئ النجاة، لأنك الشخصية الجامعة التي اجتمعت القلوب على محبتك والدعاء لك، لأنك من تُغرقني الدعوات لحسن ما علّمتني وإخوتي عليه، لأنك الجبل الذي ما زال يسندني رغم صعود روحه إلى الرحمن الرحيم.
لأنك من زرع في دربي آلاف الدعوات المنجيات.
والدي الحبيب أعاهدك أن أسير على قبس نورك الذي لا ينطفئ، مهما تبدلت الأيام وتلونت الوسائل، سأبقى وإخوتي السائرين على نهجك وهديك ولروحك الراقدة في كنف واسع الرحمة والمغفرة أطيب الدعوات أن تكون جنة الفردوس مستقرا لك ومقاما، ولأني أعلم محبتك الفائقة للشعر ازجي إليك قول جلال الدين الرومي:
ما مرّ ذِكرُكَ إلا وابتسمتُ لهُ
كأنك العيدُ والباقون أيّامُ
أو حَامَ طيفُكَ إلا طِرتُ أتبعُهُ
أنتَ الحقيقةُ والجلاّسُ أوهامُ
ستبقى الحاضر وان غبتّ في الرقاد.
والدي الحبيب أشتاق إليك أيها الفريد