غزة الصمود .. تتسيّد قلب الجامعة الأردنية وتتوهج عبر أثير إذاعتها
الدكتور محمد ركان الدلاهمة
11-11-2023 09:39 PM
وسط زخم التكنولوجيا وتطور التقنيات وتوسع منصات التواصل استطاعتا إذاعة الجامعة الأردنية أن تصمد في وجه كل المتغيرات، لا بل تغدو أكثر انتشارا وشهرة بين مثيلاتها من الإذاعات المحلية، لما صنعته لنفسها من هوية وطنية جامعة و ما تقدمه من محتوى إعلامي ذي طابع خاص ونكهة متخصصة يبحث عنه جمهور المستمعين.
فإذاعة أم الجامعات؛ هذا المنبر المفتوح للسياسيين وأهل الفكر والعلم والثقافة، و جاءت نتاج إسهامات جبارة من فرسان القرطاس والقلم من طلبة الجامعة؛ أحدثت أثرا إيجابيا لامس النفوس وأنار العقول من خلال رسائلها التي تُبث عبر أثيرها سواء كانت سياسية أو فكرية أو مجتمعية أو تربوية، وأفضت إلى تشكيل الوجدان و زيادة في الوثاق والارتباط ما بينها وبين مستمعيها.
ومنذ انطلاقتها عام 2009، تحرص إذاعة الجامعة الأردنية على تقديم كل ما هو جديد ومفيد وفريد من طرح لمحتوى الباقات البرامجية التي تبث عبر أثير موجاتها على تردد 9,94، ما أسهم في تعزيز التواصل مع مستمعيها، وتنمية وحفظ التراث الأردني والعربي والإنساني.
ولطالما حملت إذاعة الجامعة على عاتقها مهمة إيصال رسائل إنسانية ضمن قالب إعلامي تخاطب به عقول طلبة الجامعة ومختلف شرائح المجتمع، إلا أن رسالتها الإنسانية التي نادت بها منذ ما يزيد على الأربعة أسابيع ولا تزال، تختلف عن كل رسائلها السابقة؛ هي رسالة تضامنية حملت في طياتها معان سامية تشحذ بها الهمم وتخفف من حجم الألم، رسالة توحد بها المشاعر والصفوف نصرة لشعب محاصر مغلوب يناجي النصر، ينتفض من تحت ركام البنيان وحيدا في وجه عدو محتل ينهش أرضه ويرتكب أبشع المجازر بحقه منذ ما يزيد عن السبعين عام ونيف، شعب أثبت بجهاده الذي أحيا الأمل في النفوس وأدخل الفرح في القلوب بأن أسطورة الجيش الذي لا يقهر غدت تتبخر، وأنه بعزيمة وصبر وإيمان بالقضاء قادر بإذن من الله على هزيمة العسكر.
توليفة متناغمة من الطروحات الجادة والتغطيات الحصرية والمداخلات الطارئة صدح بها إعلاميي إذاعة الجامعة الأردنية عبر أثيرها ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعية التي تشرف عليها، على امتداد تغطيتها الإعلامية المتواصلة لمعركة " طوفان الأقصى" التي انطلقت شرارتها في السابع من شهر تشرين الأول الماضي، وما نجم عنها في غزة هاشم من مجازر و إبادة جماعية جراء العدوان الإسرائيلي على أهلها الذين أضحوا جميعا شهداء مع فارق التوقيت بحسب وصف أحد مراسلي القنوات الفضائية.
على مدار أربعة أسابيع مضت، اتخذت إذاعة الجامعة الأردنية منحا مختلفا في موضوعاتها عما كانت عليه من قبل في برامجها المتنوعة بدءًا من برنامج "ضمة ورد" الصباحي، وبرنامج "بيتنا عامر"، وبرنامج "جمعنا الهوا"،و أيضا برنامج "برج الساعة"، حيث طغت عليها العديد من التحليلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المختلفة المتعلقة بالأحداث الجارية أولًا بأول، من قِبل شخصيات سياسية واقتصادية وعامة أردنية، ومحللين سياسيين من مختلف الدول المجاورة وعلى رأسها دولة فلسطين، كما تم التواصل وعلى الهواء مباشرة مع مراسلين صحفيين في قطاع غزة ومختلف مناطق فلسطين المحتلة، لإطلاع المستمعين على أبرز ما يجري من تطورات للأوضاع ونقلها أولًا بأول، و إبراز حجم المعاناة التي يعيشها أهل غزة، تخلل تلك التغطيات مداخلات حصرية لمسؤولين في وزارة الصحة الفلسطينية و مدراء المستشفيات المختلفة المنتشرة في غزة وما تعانيه من نقص مضطرد في الأدوية والمعدات في ظل ارتفاع أعداد الجرحى والشهداء، أضف غلى ذلك مداخلات لمسؤولين في قطاع التربية والتعليم الفلسطينية ، والهلال الأحمر الفلسطيني ، ووكالة الغوث وتشغيل اللاجئين " الأونروا" ، ومسؤولين في معبر رفح، و منظمة أطباء بلا حدود .
وانطلاقا من فهمها لدورها في سياق المشهد الوطني العام، قررت إذاعة الجامعة الأردنية في غمرة الاعتداء الإسرائيلي الهمجي على الأهل في قطاع غزة وتحديدا بعد ارتكابه مجزرة مستشفى الأهلي المعمداني تخصيص "الاستوديو المفتوح" على مدار يومين، في تغطية واسعة وشاملة لكل الأحداث لمتابعة التفاصيل وإظهار الإسناد الأكاديمي والمهني القوي الصلب لصمود الشعب الفلسطيني تمثيلا لكل القيم الوطنية النبيلة التي تمثل الأردن قيادة وشعبا، و مشاركة فلسطين حدادها على شهدائها.
وتقصّدت إدارة الإذاعة هنا إشراك نخبة العلماء والأساتذة والمحللين في حواراتها المنتجة والتي تسلط الضوء على الجرائم التي يرتكبها العدو في فلسطين المحتلة كما أظهرت قدرة المؤسسات الأكاديمية الأردنية على تفحص ما هو أولوية في هذه المرحلة الحرجة.
وفي يوم الثالث والعشرين من شهر تشرين الأول الماضي، انضمت إذاعة الجامعة الأردنية إلى تحالف مجموعة من إذاعات المملكة الأردنية الهاشمية في بث مشترك و مفتوح، لتنصهر في بوتقة واحدة وضمن حملة " لأهلنا في غزة" وذلك تضامنًا مع الأشقاء في غزة ودعمًا لصمودهم.
وهدفت الحملة التي وحدت الإعلام الأردني لأجل قضية كل العرب والمسلمين، وجاءت بمبادرة من مجموعة الراية الإعلامية وبالتعاون مع الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية؛إلى جمع التبرعات العينية و النقدية والتي بلغت حصيلتها النهائية بعد بث استمر مدة (14) ساعة متواصلة زهاء الـ " 12,572,757" دينار أردني.
ولما تلعبه الجامعات والمؤسسات التعليمية من دور حيوي في الوقوف إلى جانب القضية الفلسطينية ودعم صمودها، بثت إذاعة الجامعة الأردنية ومن قلب أم الجامعات في الثاني من الشهر الجاري حلقة خاصة بعنوان " غزة بصوت الأردنية " تخللها مداخلة لرئيس الجامعة الأردنية الدكتور نذير عبيدات، تبعها مداخلات لمجموعة من أساتذة الجامعة الأردنية على اختلاف تخصصاتهم.
وكان عبيدات قد تطرق في مداخلته إلى دور الأردن الثابت والقيادة الهاشمية في نصرة فلسطين و الدفاع عنها، وأعرب عن ما يشعر به المرء من مشاعر فخر واعتزاز بأهل غزة الأبطال، وبالدرس الذي علمونا إياه في سبيل استعادة كرامة الأمة، معربا في الوقت ذاته عن أسفه لقسوة الجرائم التي ترتكب بحق أبناء شعب غزة، والدمار الذي لحق بهم.
وأكد عبيدات على دور الجامعات في خلق جيل متسلح بالعلم، قادرا على العمل والابداع ويحفظ حق الوطن والأمة، ويكون سندا للجيش العربي المصطفوي والأجهزة الأمنية ولكل أردني يقف على ثغر من ثغور الوطن .
ولأنهم لبنتها الأساسية وهدفها الأسمى ومحور اهتمامها، ولأن إيصال صوتهم وهمومهم وتطلعاتهم واجب، لمبادراتهم الخلاقة والنبيلة التي ينفذونها دعما ومؤازرة لأبناء شعبنا في فلسطين وغزة، خصصت إذاعة الجامعة الأردنية قبل أيام معدودة حلقة خاصة بعنوان " غزة بصوت طلبة الأردنية " شارك فيها عدد كبير من طلبة الجامعة في مختلف التخصصات والكتل الطلابية، وجهوا خلالها العديد من رسائل الدعم والمساندة للأشقاء في فلسطين.
وتظل إذاعة الجامعة الأردنية، تمارس سحرها اللامع على كل من ألف الاستماع إليها، تشبع حاجاته المعرفية، وتمده بما يرغب ويحب أن يسمع، كما ستظل هواء نقيا ونبضا وطنيا يمثل أساتذة وهيئات تدريسية و إدارية وجمهور من طلبة الجامعة التي نعتز بها كصرح علمي بارز، تنافس مثيلاتها على كشف الحقائق وتقديم الدعم والمساندة للشقيق الذي يناضل غرب نهر الأردن العظيم لنيل حقوقه حتى آخر رمق..