طهبوب يكتب: صفقة وراء الباب
عامر طهبوب
10-11-2023 10:20 PM
لم يَجبُر نتنياهو بعد 36 يوماً من حربه الضارية المتوحشة الحمقاء على غزة، المدعومة عسكرياً ومالياً ولوجستياً من غرب منافق أحمق، لم يستطع جبر خاطر أسرة واحدة من أسر الأسرى، لم يحرر أسيرة أو أسيراً في قبضة فصائل المقاومة، لم يفلح في تحقيق أهداف حملته المسعورة الرئيسية؛ لم يُجهز على حماس، لم تشاهد عيني مقاوماً يسلِّم ويُلقي سلاحه، ولم يحرر الأسرى، ولم يدمر الأنفاق، ولم يوقف صواريخ المقاومة، ولم يسيطر على أرض غزة، رغم ما فعلته آلته العسكرية من توغل وقتل ودمار وتهجير، والعكس صحيح، يعود جنوده على المروحيات، قتلى أو جرحى بعد استهدافهم، وتحطيم آلياتهم.
صبّ الاحتلال العسكري جام غضبه على المدني، لأنه أُذِلّ في جحر الديك، وتل الهوى، وبيت حانون، وفي شوراع غزة، وعلى شواطئها، وسيذل، ولم يعد للفلسطيني اليوم ما يخسره في غزة، خسر كل شئ، بيته، وأهله، وذويه، ومخبزه، ومرقده، ومقهاه، خسر كل شئ، إلا أرضه وروحه المقاومة، وسلّحه الاحتلال بمزيد من الإيمان والغضب والرغبة في الانتقام، ونتنياهو هش، ضعيف، مهلهل، مكروه لدى العدو، ومنبوذ عند شعبه، انخفضت شعبيته إلى 22 بالمائة، وأظنها ستصل إلى ما دون ذلك خلال أيام، وهو كاذب أَشِر منذ جاء إلى الحكم، يكذب على شعبه، وعلى عدوه، وعلى زوجته، وعلى نفسه، وعلى ساسة الحكم حوله، وعلى جيشه، ويكذب على اليسار، وعلى اليمين، وعلى الإدارة الأميركية، ويوقعها في شرك الكذب.
كل ما يصدر عن إعلام الاحتلال، سلسلة من الكذب، يكذبون في مدى تقدمهم على الأرض، وفي حجم خسائرهم من الآليات، وفي عدد قتلاهم وجرحاهم، وفي نواياهم، ويرتجفون على شاشات التلفزة، عيونهم زائغة، لم يستفيقوا بعد من صدمة السابع من أكتوبر، كل ما يقولونه عن قراراتهم بنيتهم الاحتفاظ بغزة إلى فترة انتقالية، كذب، إنهم لا يستطيعون البقاء، أرض غزة قلقة، رمالها متحركة، وتحت الأرض ما يكفل أن ترتجف أقدامهم، لا يملكون القدرة على حرب طويلة كما يقولون، إنهم في مأزق، ثلاثي العجائز في حكومة الحرب في مأزق، وواشنطن في مأزق، تقزّم الدعم، وتآكل التأييد، ازدادت كراهية إسرائيل بين شعوب الأرض، توقف اقتصاد المحتل، شعبه في الملاجئ، أو في مطار اللد في انتظار الطائرة. المستوطنون في الجنوب انتقلوا إلى الوسط، ومن هم في الشمال، صاروا في الوسط، والوسط غير بعيد عن مرمى النار، وعن القلق والخوف، وليس بيد نتنياهو وجماعته سوى الانصياع لصفقة، والصفقة قاب قوسين أو أدنى، تُحرّر الحرائر والأطفال من قبضة المحتل، وسجونه العفنة، وهي صفقة أولى وراء الباب، ولكن الصفقة الكأداء قادمة لا ريب فيها، ستحرر مروان وآلاف الأسرى، وتعيد الصلاة في المصلى المرواني دون أن يجرؤ جنود الاحتلال والمستوطنين على تدنيس قدسية الأقصى.
المعركة الفاصلة لم تبدأ بعد، إننا على أبوابها، معركة استشهاد أو نصر، ومفهوم النصر لدى الغزي اليوم، ليس تحرير الأرض، وإنما استنهاضها، وإعادة الدم لشرايين القضية، إعادتة فلسطين على الطاولة لتقعد، وتواصل القعود، أن لا تزحزح حتى يحرر الفلسطيني أرضه، ويستعيد حريته، ويقبض ثمن تضحياته، ودماء شهدائه، والصفقة قادمة، وفي الصفقة نصر، وقوة، وإثبات وجود، وحلقة من حلقات النضال في سبيل الحرية.