دعوة صينية لعقد مؤتمر دولي لإقامة دولة فلسطينية
السفير الدكتور موفق العجلوني
09-11-2023 11:37 AM
صرح سعادة السفير الصيني في عمان تشن تشوان دونغ بأعلى صوته، ان الصين تقف بثبات إلى جانب القضية الفلسطينية العادلة والمطالبة بوقف العدوان الغاشم على قطاع غزة، و أن الكارثة الإنسانية الحاصلة في قطاع غزة لا يجوز استمرارها و يجب ان تتوقف، و أن الظلم التاريخي على الشعب الفلسطيني لا يجوز ان يستمر ، و تأتي هذه التصريحات في ضوء تصاعد التوتر والخطر في قطاع غزة و الأراضي الفلسطينية المحتلة ، ما أثر في قلوب كافة شعوب العالم ، و من المؤلم جداً ان يشاهد العالم المآسي المتكررة في قطاع غزة.
هذا الموقف الصيني الشجاع ليس غريباً لا جديداً على الصين، اذ تعود بي الذاكرة الى أواخر عام ٢٠٠٩ حيث ترأست الوفد الأردني لمنتدى التعاون العربي الصيني والذي عقد في بكين، وكان الموقف الصيني و لا يزال، يطالب إسرائيل بالانسحاب الشامل من كافة الأراضي العربية المحتلة التي احتلتها عام ١٩٦٧ وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة القابلة للحياة وعاصمتها القدس الشرقية.
نعم منذ الهجوم الغاشم على قطاع غزة لم تتوقف الصين عن تحركاتها لوقف العدوان على قطاع غزة. فقد أجرى وزير الخارجية الصيني اتصالات مكثفة لوقف العدوان الإسرائيلي، حيث زار المبعوث الصيني الخاص للشرق الأوسط دول المنطقة، وصوتت الصين في الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن لوقف العدوان على قطاع غزة، وتضامنت الصين مع الأردن والدول العربية والمجتمع الدولي لبذل جهود دؤوبة لأجل وقف إطلاق النار وإدخال الادوية والمساعدات الإنسانية الى قطاع غزة.
بنفس الوقت، أشارت سعادة السفير الصيني ان هنالك انسجام كامل مع الموقف الأردني تجاه الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، وخاصة أن جذور الصراع تعود إلى عدم تحقيق إرادة الشعب الفلسطيني في إقامة دولتهم المستقلة على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس الشرقية و هو المخرج الوحيد للإقامة السلام العادل و الشامل في المنطقة.
وأضاف السفير الصيني، أنه لا يجوز ان يكون الصراع الفلسطيني الإسرائيلي دوما اختبارا قاسيا لضمير البشرية والعدالة الدولية، لا بد أن ننظر إليه بنظرة تاريخية ونقدم له إجابة تاريخية. وفي ظل تبعات هذا الصراع من دوامات المصائب والتهديدات للأمن والاستقرار في المنطقة والتحديات الخطيرة للسلام العالمي، ينبغي ان نتساءل، كيف نحقق ونحافظ على السلام والأمن المستدامين؟ والجواب الصيني هو مبادرة الأمن العالمي التي طرحها الرئيس شي جين بينغ، حيث تدعو الصين إلى الالتزام بمفهوم الأمن المشترك والشامل والتعاون المستدام.
يؤكد الموقف الصيني على وجوب الالتزام بميثاق الأمم المتحدة، والقانون الدولي و القانون الدولي الانساني . لا يمكن أن تكون الأمم المتحدة، وخاصة مجلس الأمن، مكتوفي الأيدي أمام الصراع الدموي القائم في قطاع غزة ، يجب تبني أعمال فعالة لتحقيق الهدف الأول وهو وقف إطلاق النار و دخول المواد الطبية والأغذية و الاحتياجات الإنسانية لقطاع غزة . و ان وقوف أي بلد للحيلولة دون ذلك هو موقف غير أخلاقي و غير انساني وخطيرة للغاية .
و يضيف السفير تشن تشوان دونغ بالقول، لا بد من احترام المخاوف الأمنية المشروعة لجميع الأطراف. يجب إن تكون المصالح الأمنية لجميع الأطراف متساوية، ويجب التعامل معها على قدم المساواة، لا يمكن الفصل بين أمن طرف وطرف اخر، يجب ان يكون الامن للجميع. التمييز والازدواجية في المعايير غير مقبول على الاطلاق. لن يدوم امن إسرائيل المطلق على حساب أمن الفلسطينيين، ولن يتحقق الأمن دون حصول الفلسطينيين على حقوقهم المشروعة استناداً الى الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة.
وبالتالي يجب تغليب الحوار والمفاوضات على الحرب كالخيار الصحيح الوحيد، يجب إدانة جميع أعمال العنف التي تستهدف المدنيين. لن يؤدي العقاب الجماعي على المدنيين إلى الأمن والسلام الحقيقيين، ولن يؤدي العنف إلا إلى زيادة الكراهية، لا أفق للحل العسكري. كلما تعاظمت الصعوبات والتحديات، كلما تطلب الامر الى المزيد من الشجاعة والجرأة للحوار والجلوس على طاولة المفاوضات.
من هنا جاءت دعوة الصين إلى عقد مؤتمر سلام دولي ذو مصداقية وموثوقية وأوسع مشاركة، وذلك لوضع جدول زمني وخارطة طريق لتنفيذ حل الدولتين على أساس الشرعية الدولية وقرارات الامم المتحدة. من هنا تدعوا الصين كافة الدول المحبة للسلام في هذا الوقت العصيب، الى وقوف جميع الدول المحبة للسلام إلى بذل الجهود المطلوبة لوقف الكارثة الإنسانية في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، من اجل دفع عملية السلام في الشرق الأوسط وصيانة السلم والأمن العالميين تجسيدا لتحقيق مبادرة الأمن العالمي.
* السفير الدكتور موفق العجلوني / مركز فرح الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية .