كي تعلموا حجم المؤامرة، والتي تبدو فيها (حماس) هي المستهدفة الأولى من هذه الحرب الجائرة، لكن في الحقيقة فإن (غاز غزة) هو المستهدف الأول، وأتمنى أن يعلم سكان إسرائيل كيف باعت الصهيونية دماء أبنائها لقاء إستيلاء الشركات العالمية على الغاز، وأن هناك إصرار "إسرائيلي- أمريكي- أوروبي" بأنه لن يتم وقف اطلاق النار، وقد تبين الآن لماذا تدفقت الأموال الأمريكية عليهم لتمويل عدوانهم بالقدر الذي يسعون فيه لتهجير أهل غزة خارج أراضيهم.
بالرجوع إلى (إتفاقية أوسلو) بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فقد تم الإتفاق على حقوق الفلسطينيين في إستغلال الغاز الطبيعي والنفط من مياه البحر المتوسط لعمق 20 ميل بحري، فيما تتحدث التقارير العلمية عن أن مخزون الغاز في حقل ليفياثان يصل إلى 22 تريليون قدم مكعب مما يغطي إحتياجات إسرائيل إلى 40 سنة قادمة، وأن الإحتياطي الموجود من الغاز الطبيعي في غزة يصل إلى 1 تريليون قدم مكعب، مما يغطي إستهلاكات الفلسطينيين ويسمح بتصدير الفائض منه، وللعلم تصل قيمة إحتياطيات النفط والغاز الطبيعي المتوفرة في مجمل فلسطين ما قيمته 524 مليار دولار حسب آخر دراسة تم تنفيذها في عام 2019.
دراسة نشرت مؤخرا للباحثة Rachel Donald تتحدث فيه عن الأحداث الجارية في فلسطين وعن الدور الذي تلعبه إسرائيل والدول الغربية في هذا الخصوص، يشير المقال إلى أن هناك صمتا من قبل قادة أوروبا فيما يتعلق بالمظاهرات والمطالبات بوقف إطلاق النار في فلسطين، مع تركيز على حال الولاء القائم بين الدول الغربية وإسرائيل، ويشير المقال إلى أن "الولاء الأمريكي والأوروبي" لإسرائيل هو ولاء حتمي ومتجذر، حيث تدعم الولايات المتحدة وحلفاؤها حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. وأن إسرائيل تمنح تراخيص للشركات لاستكشاف واستغلال الغاز في البحر المتوسط، وفي هذا السياق فإن هناك مناطق متنازع عليها فيما يتعلق بالملكية القانونية لهذه الموارد بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مع اتهامات بانتهاك إسرائيل لحقوق الفلسطينيين في استخدام مواردهم الطبيعية لما يتعلق بالنفط والغاز، وأن هدف أوروبا من تحيزها الواضح لإسرائيل هو الحصول على مصدر طاقة مستدام في ظل حرب روسيا وأوكرانيا الحالية.
وكخلاصة؛ فإن الأحداث الحالية في فلسطين تظهر تداعيات الأزمات الجيوسياسية والجيولوجية المتعلقة بأمن التزود الطاقوي في المنطقة، وكيف أن الطلب على الغاز الطبيعي يلعب دورًا مهمًا في تشكيل السياسات والعلاقات الدولية، وأضيف بأن الحروب الحالية والسابقة وحتى القادمة ليس لها من هدف خفي إلا إمدادات الطاقة؛ ولنا في حرب روسيا وأوكرانيا الحالية وحرب روسيا وأفغانستان السابقة؛ لدروس وعبر نتعظ منها في دور إمدارات الطاقة في تشكيل التحالفات الدولية والحروب في المنطقة.