هل يجوز ان نلوذ بالشعر والأدب والفن، واهلنا في قطاع غزة والضفة المحتلة في محنة مرعبة لا مثيل لشدتها ؟!
هل للفن والأدب والثقافة قبول وتأثير ودور في المعركة ؟!
دخل النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مكةَ المكرمة في عُمرةِ القضاءِ، والشاعر عبدُ اللهِ بنُ رَواحةَ بين يدَيه يمشي وهو يقولُ:
خلُّوا بني الكفارِ عن سبيلِه،
اليومَ نضربُكم على تنزيلِه،
ضربًا يُزيلُ الهامَ عن مَقيلِه،
ويذهِلُ الخليلَ عن خليلِه.
فقال له عُمرُ رضوان الله عليه: يا ابنَ رواحةَ، بين يدي الرسولِ، وفي حرَمِ اللهِ تقول الشِّعرَ ؟!
فقال له النَّبيُّ: خَلِّ عنه يا عُمرُ، فلهيَ أسرعُ فيهم من نضْحِ النَّبْلِ.
والمقصود بنضْحِ النَّبْلِ هو أن تأثيرَ الشِّعرِ فيهم، أسرَعُ وأشدُّ علَيهم مِن ضَرْبِ النِّبالِ أو القتلِ بها.
والنَّبْلُ لغةً هي السِّهامُ.
هذا هو الحَضُّ على مُقاومة المحتلين والمعتدين بالكَلامِ، المكافئ لمقاومتهم بالنبال والسِّهامِ.
ويتجلى من هذه البوصلة الاعلامية الثقافية النبوية أن دور الأدب في المعركة، أشدُّ مضاءً من النبال والرماح والسيوف. ولأنه يجدر القياس، فيصح القول ان دور الثقافة والفن والأدب والشعر والرواية والقصة والمسرح واللوحة والموسيقى والغناء والتمثيل والكاريكاتير والسينما والمسلسل وشريط الفيديو، هي في مضاء الأسلحة الحديثة، وأشد.
فالتعبئة المعنوية تجعل الناس يدخلون في الأنفاق والخنادق والمعارك ومعارج الفداء والشهادة أفواجاً.
التعبئة المعنوية هي التي تدفع الناس إلى سوح الوغى والموت، يرفعون شعار المجاهد العربي الكبير ملهم الأجيال والثوار في كل الازمان: «ننتصر أو نموت».
ان بصيرة النبي الإعلامية تدعونا إلى إيلاء اهتمام أكبر بالثقافة والإعلام والصحافة، تمويلاً وتطويراً، لدورها المؤثر في التعبئة المطلوبة لشحذ الأبناء ورد الأعداء.
لقد ادخلت الجالية العربية في السويد الأغنية لمواجهة المجازر والظلم الصهيوني التاريخي، وها هي اغنية «عاشت فلسطين وتسقط الصهيونية» Leve Palastina
السويدية الشهيرة، تصدحُ في كل الساحات.
ويجدر ان نراجع «قصائد المُوَثِبات» التعبوية الجاهلية، التي كانت النساء العربيات يصدحن بها في وداع الأزواج والأبناء والأشقاء والآباء، وهم يتأهبون لمغادرة الحمى، في الطريق إلى معارك الشرف.
الدستور