قصة نجاح كبرى بصندوق تسليف النفقة في "قاضي القضاة"
م. هشام خريسات
06-11-2023 11:29 PM
إنصافاً للعديد من النساء اللواتي تعرضن للكثير من الظلم، وهن يمضين ساعات طويلة في أروقة التنفيذ القضائي ينتظرن دورهن للحصول على النفقة، تاركات بيوتهن وأولادهن، كان مشروع صندوق تسليف النفقة في دائرة قاضي القضاة.
ويبدو أن المشكلة الكبيرة التي كانت تواجه النساء، تكمن في الأوقات الطويلة التي يقضينها في “التنفيذ”، ويكتشفن بعدها في كثير من الأحيان، عدم وجود مبلغ النفقة، جراء تهرب الزوج وتحايله على الأحكام الواقعة، ولعدم قدرته على الدفع أحيانا، ما يؤثر سلبا على الزوجة والأبناء.
وتشتد المعاناة أكثر عند امرأة تأتي من محافظات أخرى، ومن مناطق بعيدة لأخذ مستحقاتها لتتفاجأ وبعد التكلفة المالية التي تكبدتها في المجيء من الجهة وغيابها عن منزلها من جهة أخرى، أن الطليق لم يضع لها مبلغ النفقة ليتكرر هذا المشهد مرارا وتكراراً.
إن فكرة تسليف صندوق الفكرة جاءت عندما تم إعداد قانون رقم 36 في الأحوال الشخصية العام 2010، وعندما وجدوا أن هناك العديد من الأحكام القضائية التي كانت ملزمة ومثبتة للحق، إلا أنها غير منفذة على أرض الواقع.
فهناك العديد من النساء اللواتي لا يستطعن الحصول على النفقة بسبب سفر الزوج، سجنه أو لعدم وجود أموال ظاهرة على الرغم من امتلاكها صك النفقة، فيتعذر عليها العيش بسبب عدم امتلاكها للمال الكافي أو حتى الإنفاق على نفسها.
ورافق هذا الواقع حزمة الأمان الاجتماعي التي كانت تشمل الأرامل والمطلقات، مستثنية الزوجة المحكوم لها بالنفقة والتي تشكل إشكالية تواجه شريحة من النساء، الأمر الذي دفع الدائرة لإيجاد هذا الصندوق وتسليف الزوجة.
ويقوم الصندوق، ومن باب التسهيل والتيسير بتسليف النفقة لمستحقيها، وهي حاجة أساسية حتى لا تضطر أن يكون لديها إشكالات في حياتها اليومية.
وجاء إقرار الصندوق بعد وضع الإطار العام، وإيجاد نظام للصندوق المستقل ماليا وإداريا، لذلك بقي قيد الدراسة إلى أن صدر القرار في 26/4/2015 بالموافقة عليه من قبل مجلس الوزراء، محددا الآليات التنفيذية، إلا أن قرار الموافقة الذي جاء بعد إصدار موازنة الدولة للعام 2015 جعل قضية تمويل هذا الصندوق معلقة إلى أن تم رصد بعض المخصصات المالية في ميزانية العام 2016 حتى يبدأ بممارسة مهامه.
وبعد رصد مبلغ للصندوق تم عقد اجتماع لرئاسة الصندوق والهيئة التي تشمل وزارة المالية، وزارة التنمية، مؤسسات من المجتمع المحلي، مدير المحاكم الشرعية.
وهكذا اصبح بإمكان أي امرأة تملك تنفيذ حكم بالنفقة من أي محكمة ولا يشترط أن تكون شرعية التوجه للصندوق بعد أخذ شروحات من المحكمة بعدم تحصيلها لنفقتها ومن ثم تأخذ نفقتها من الصندوق، في حين يجهد القائمون على الصندوق بتحصيل هذه الأموال من الزوج، فضلا عن الرسوم التي يقوم الصندوق بتحصيلها من المحاكم الشرعية وهي 3 دنانير لكل عقد زواج و3 دنانير لكل حجة طلاق، فضلا عن الأموال التي يحصلها الصندوق من التسديد وعوائد أرباح أمواله، المنح والهبات والمساعدات، والمبالغ المخصصة من الموازنة العامة للدولة.
ومع ان المقر الرئيسي للصندوق في عمان، الا ان النظام نص على ان يكون له فروع في أنحاء المملكة كافة.
وجاءت البطاقة الممغنطة التي أوجدتها دائرة قاضي القضاة ساعية من خلالها لتسهيل الإجراءات لكل محكوم لها بدائرة التنفيذ، من خلال تقديم طلب يمكنها الحصول على رقم حساب يتم إيداع مبلغ النفقة فيه.
وجاءت هذه الخدمة سعيا من الدائرة لتخفيف الأعباء على المحكوم لهن، حيث ترد رسالة قصيرة على الهاتف تخبرهن بإيداع مبلغ نقدي في الحساب، يمكن المرأة من الذهاب لأقرب صراف آلي تابع للبنك الإسلامي وهو البنك المعتمد للدائرة لأخذ مستحقاتها المالية.
وتعامل هذه البطاقة معاملة بطاقة الفيزا؛ حيث يمكن للمرأة سحب المبلغ كاملا أو حسب الحاجة، كما تتمكن من شراء حاجياتها من خلال هذه البطاقة أيضا.
ويعمل تفعيل صندوق تسليف النفقة على تجاوز العديد من الصعوبات والإجراءات البيروقراطية التي تواجه المرأة، كتركها لبيتها وعدم وجود الأموال وعدم دفع الزوج للنفقة وانتظار الدور في المحكمة التي تشكل عبئا على كاهل المرأة وانتظار الدور في المحكمة،
والصندوق الذي تم انشاؤه عام 2017 يخدم شريحة ممن تعذر عليهم تحصيل النفقات المحكوم بها والضرورية لتسيير أمور حياتهم، والنفقات المشمولة بخدمات الصندوق وفقا لتعليمات التسليف المقرة هي نفقة الزوجة، والصغار، والأب، والأم، والتعليم الحكومي.
وصندوق تسليف النفقة واحد من المؤسسات التي تقوم بدور مهم في توفير الحماية الاجتماعية لشريحة تحتاج ملاذا آمنا يحفظ كرامتها ويؤمن احتياجاتها، حيث أن النساء أكثر الفئات المحكوم لهن بالنفقة سواء لهن شخصيا باعتبارهن زوجات أو بالحكم لأطفالهن باعتبارهن حاضنات لهم.
ويقدم الصندوق خدماته في جميع مناطق المملكة من خلال مكتب التسليف الموجود في المركز الرئيس للصندوق في العاصمة عمان وكذلك من خلال ضباط ارتباط الصندوق لدى المحاكم الشرعية في جميع محافظات المملكة، حيث باستطاعة الراغب بالحصول على خدمات الصندوق التقدم بطلبه مباشرة لمكتب التسليف او من خلال ضباط الارتباط أو من خلال الرابط الالكتروني لتقديم طلبات التسليف والموجود على الموقع الالكتروني للصندوق.
وقد اظهر التقرير الاحصائي الأول الصادر عن صندوق تسليف النفقة التابع لدائرة قاضي القضاة ان المبالغ التي قام الصندوق بصرفها للمنتفعين منذ بدء تقديم خدماته في العام 2018 وحتى نهاية عام 2021 بلغت حوالي ثلاثة ملايين ونصف المليون دينار.