بعد تردد طويل، وتقليب الخيارات والبدائل، تقرر أخيراً سحب مشروع الموازنة العامة لسنة 2011 من مجلس النواب، لإعادة صياغتها على ضوء التغيرات الجوهرية التي تقررت مؤخراً ويقول وزير المالية أنها تكلف 460 مليون دينار.
الحلول المطروحة حتى الآن تدور حول تخفيض النفقات الرأسمالية 220 مليون دينار، وإضافة 100 مليون دينار إلى العجز لتغطي بالمزيد من الديون، وافتراض أن المنح الخارجية سوف ترتفع بمقدار 100 مليون دينار، ويبقى 40 مليون دينار تذهب فرق عملة!!.
هذه الحلول ليست ناجعة، بعضها أشبه بالترقيع، وبعضها الآخر خداع للنفس، فالمبلغ المبحوث عنه كبير جداً ويحتاج لحلول جراحية، ومن غير المعقول أن تبدأ الحكومة، في هذه الظروف الصعبة، بالإنفاق على مشاريع كبرى أقل ما يقال فيها أنها غير مقنعة، وقد مرت في ظروف كانت خلالها تعتبر بقرات مقدسة، وليس هناك من يجزم بأنها مجدية.
لا بد من شطب كل ما يتعلق بالإنفاق على مشاريع السكك الحديدية والمفاعلات الذرية، وإذا صح أنها مجدية فلماذا لا تترك للقطاع الخاص مع منحها كل الإعفاءات المنصوص عليها في قانون تشجيع الاستثمار.
من ناحية أخرى فإنه يبدو واضحاً أن مشروع التخاصية، بما له وما عليه، قد انتهى، وليس هناك مشاريع حكومية أخرى معروضة للبيع، فلماذا تبقى هيئة مستقلة لشؤون التخاصية؟.
في هذا المجال يجب استعراض الهيئات المستقلة البالغ عددها 62 هيئة للتأكد من جدوى وأهمية استمرار كل واحدة منها، فهناك هيئات تم إيجادها للقيام بمهمة معينة، فانتهت المهمة واستمرت الهيئة، وأخذت تبحث عن دور تقوم به.
في جميع الحالات فإن العجز في الموازنة لا يجوز أن يتجاوز 5% من الناتج المحلي الإجمالي، وربما كان من الضروري صدور قانون يحدد هذا العجز، ويأمر بتخفيضه سنوياً إلى أن يتلاشى تماماً خلال عشر سنوات، بدلاً من القانون الذي يحدد سقفاً للمديونية فيتعامل مع النتيجة بدلاً من السبب.
التساهل في المجال المالي أدى إلى ارتفاع الدين العام خلال السنة الماضية بنسبة 18% ليبلغ 4ر11 مليار دينار تلامس مستوى 60% من الناتج المحلي الإجمالي المبالغ في تقديره.
(الرأي)