التهجير القسري أو الأخلاء القسري أو النقل القسري مصطلحات تحمل في جوهرها معنى واحداً وهو طرد الفرد أو المجموعة أو المجتمع من الاراضي التي لم يعرفوا غيرها، حياة ونشأة وعيشاً، قسراً وقهراً لإرادتهم، كما يعني الإجتثات من الجذور أي من الوطن.

إن الوطن ليس مجرّد بقعة جغرافية للإقامة والسكن فهو الموئل الذي يرتبط به الإنسان وفيه يبني آماله ومستقبله، فرداً أم شعباً، فيسهم في بناء حضارته وكيانه، فهو الرابطة التي تشدّ الإنسان شدّاً وجدانياً لا تفسير مادي له، ولا يمكن إجتثاه منه على مَرِّ العصور وتتابع الأجيال، ذلك أن العلاقة بين الإنسان والوطن علاقة فطرية جُبلت بينهما كالعروة الوثقى لا انفصام لها، وأصبح الوطن والإنسان وجهين لعملة واحدة.

أسوق هذه المقدمة في الوقت الذي تقوم به (الداعشية الصهيو- أمريكية) من تدمير لوطن بشعبه ومقوماته، والتي تمثل عقلية عصر الاستعمار وتاريخه المرّ، فتعود في القرن الحادي والعشرين بالعقلية نفسها في ذلك العصر، فلا تكتفي لذلك التدمير للإنسان، وما أنجزه من تاريخ حضاري، بل تفكر بتلك العقلية لنقل السكان إلى وطن بديل آخر، وكأن الشعوب لعبة بين يديه، فلا يفهم معنى للوطنية، ولا يدرك قيمة للإنسانية.

إنّ ما لا نفهمه العقلية ( الداعشية- الصهيو- أمريكية) إن شعبا فلسطينياً على سبيل المثال قد كتب عليه التهجير، ما يزال أطفاله من الجيل الرابع ينتمي الى قريته الفلسطينية التي لم يعرفها، وربما تكون من القرى التي مُسِحَتْ قبل الحرب العربية اليهوية (1948) أو ما بعدها، وأن هذا الشعب الفلسطيني المرابط في أرضه ووطنه، ولن يكرر اللجوء ثانية، ولن يقبل الاجتثات من وطنه او التهجير منها، ولا يقبل أي شعب أن يبادل أرضه بأرضٍ بديلة وما يتعرض له أه غزة من القصف والإبادة الجماعية أضعاف أضعاف ما تعرّض له أخوانهم عام 1948م، ولكنهم يتحدون ذلك بالتمسك بالوطن الذي عاشوا ونشأوا فيه..

(غير أن الأوطان تجتذب المرءَ اليها الهوى وإنْ عاش كدّا)
-زامل بن عفير الطائي الجاهلي-
*فالوطن، يا أيها المستبدول:
(عش الإنسان، الذي فيه درج، ومنه خرج ومجمع أسرته، ومقطع سرّته، وهو البلد الذي نشّأته تربتُه وغذاؤه وهواؤه، ورباه نسيمه)
-رفاعة الطهطاوي-