ما زالت السخرية في أوجها تجاه «حسن نصر الله» الذي انتظرت خطابَه الملايين و تسخر منه الملايين الآن..! أكثر العبارات تداولًا: لقد خذلنا.. فاستحقّ وصف «الخاذل» عن جدارة..!
كنتُ من ضمن الملايين الذين ينتظرون الخطاب بشغف.. وكتبتُ يوم الخميس عن ذاك الانتظار ورغم عشرات الرسائل التي وصلتني وتؤنّبني على انتظاري لأن الرجل لن يفعل شيئًا إلّا أنني تجاوزتُ كل الرسائل وتمسكّتُ بالأماني على غرار: الغريق يتعلّق بقشّة مع علمي أن «حسن نصر الله» ليس قشّةً بل فعلٌ دراماتيكيٌّ حين يقول ويفعل.. ولكنه لم يقل ما نريد ولن يفعل ما نريد..!
ورغم شغفي للخطاب.. وسرعتي في قيادة السيارة لأستمع إليه من لحظة البسملة إلّا أنني أدركتُ منذ الخمس دقائق الأولى بأن الخطاب الذي ينتظره الأعداء قبل الأصدقاء سيكون طويلًا.. وفي الخطابات الطويلة يسقط العرب دائمًا فيتحوّلون إلى خطباء وليسوا قادة وصنّاع قرارات.. وضغطتُ على مفاصل نفسيتي وتحملتُ خمس دقائق أخرى وإذ بالسرديّات تدخل على الخطاب و الشعارات الانشائية تعلو على كل الكلام.. فشعرتُ بثقل كبير في جسدي وأنطفأ الشغف للاستماع وهناك نداء خفي قويّ دعاني إلى النوم فاستسلمتُ لسلطانه وأفقتُ بعد ساعتين..! كان الخطاب قد انتهى قبل قليل.. أردتُ أن أعرف ما جرى في نومي.. هل انقلبت الدنيا.. هل أوراق أمريكا تلخبطت؟ هل إسرائيل الآن في «حيص بيص» ؟ هل غزّة التي تُذبح كلّ ساعة تستعيد أنفاسها بنَفَس الرجال الذي يُحيي الرجال..؟!.
عشرات التحليلات عن الخذلان.. وعشرات الآلاف من التعليقات الساخرة والموجعة عن «حسن» وعن «طلعة حسن».. إلّا أن قناتي «المنار والميادين» كانتا تغرّدان خارج السرب وتستضيفان ما لذّ وطاب لهما من «صفّيفة الكلام» الجاهزين لاستنباط الوهم من وسط الحقائق الدامغة..!
إذا كان يعرف «الخاذل» أن خطابه يخذل فالأولى به ألّا يخطب.. وإذا كان لا يعرف فالأولى به ألّا يصنع قبل أيّام مقدمات مليئة بالشو توحي كلّها بأن المعركة ستتغيّر..!
إذا كان الخطاب لكي يقول بأنه لا يعرف.. ويقول للأعداء : إذا وسّعتم وسّعنا وإذا ضربتم ضربنا.. فكان الأجدى بالخاذل أن يقول لأهل غزّة: ليس أمامكم إلّا أحد موتين؛ إمّا الموت من الأعداء أو الموت بقتالكم للأعداء..!
ونعود لنفس النقطة والجملة: ما إلنا غيرك يا الله.
الدستور