عندما يغيب الالتزام الأخلاقي والإنساني
فيصل تايه
04-11-2023 10:48 PM
ما زالت تعمل العنصرية الإسرائيلية بكل ما لآلتها العسكرية من قوة وبطش وغياب أي التزام أخلاقي أو إنساني وبشكل جنوني لا سابق له على ارتكاب أبشع المجازر في غزة، مجازر من تلك التي لا يمكن للتاريخ نسيانها أو تجاوزها، ولا يمكن لآلامها أن تسكن ولا لندوبها أن تبرأ ، فآلة البطش الإسرائيلية وهي تمعن في قتل الأطفال وترمل النساء وتقتل كبار السن وتشردهم وتعيد استحضار ذاكرة الشتات الأولى التي حدثت في أعقاب النكبة الفلسطينية في عام ١٩٤٨ ، فعلى مدى سبعين عاماً أثبت هذا الكيان الغاصب من خلالها أنه لا يحتاج إلى مبررات أو أعذار للقيام بما قام ويقوم به من جرائم ، فهو بالأصل قام على الجريمة ويتغذى بالجريمة وينمو ويتوسع من خلال التفنن في ارتكاب أبشع الجرائم مستنداً إلى ما يسمى الشرعية الدولية المزيفة .
ان الحقائق لا يستطيع أحد إخفاءها مهما امتلك من أساليب التضليل والمغالطات أو نسج الأكاذيب ، والتي اتخذها الكيان الصهيوني مبرراً للإبادة الجماعية المستمرة التي تتعرض لها غزة ، فهذا الكيان بذلك يعتقد أنه سيقضي على ارادة الشعب الفلسطيني ويكسر -لا قدر الله- روحه المعنوية وينهي مستقبله ، لكن يبدو أنه لا يعي أنه يعيد بناء ارادة هذا الشعب ، ببث الحياة فيه من جديد ، ويعزز استراتيجية "الثأر" ولو بعد حين ، وتلك ليس في الوسط الفلسطيني فقط وإنما عند الشعوب العربية ، حتى مع من كان يؤمن بفكرة السلام .
اننا الان امام حالة اجرامية مستفحلة مع سبق الاصرار بعد الاعتداءات الوحشية المتكررة على ابناء غزة ، والتي تغذيها دول الغرب التي تدعم الكيان الصهيوني سياسياً وعسكرياً وتعاطفها الانتقائي اللامحدود ، ما يخلق الشعور باليأس لدى اهلنا في فلسطين ، ويدفع بهم إلى مزيد من الاحباط والكرهية ، فاليوم ونحن نعيش هذه المآساة التي يفقد فيها الفلسطينيون الأمل وهم يشاهدون زوجاتهم وأطفالهم وأحبتهم يقتلون ، وبيوتهم تهدم على رؤسهم ، ذلك يعزز في ضميرهم ردود افعال انتقامية شديدة والرغبة القوية بالاقتصاص ، فالذي قُتل أطفاله أو دفنوا تحت الركام دون أي ذنب لا يمكن له أن ينسى للقتله الصهاينة ذلك ، ومن قتل جميع ذويه في مجازر جماعية ، كيف له ان ينسى ؟ فلا يكون أمام هذا الشعب المظلوم إلا المقاومة مهما كان توصيف العالم لمسار تلك المقاومة وآلتها ، لذلك فعلى الكيان إسرائيلي أن يعدّ نفسه لسنوات صعبة تظهر فيها المقاومة والكفاح بروح مختلفة، ولكن بإيمان ثابت أنه لا سبيل إلا الشهادة او النصر .
بقي ان اقول ان سنوات الظلم والقتل والتهجير والسجون لا يمكن ان تفرز إلا هذا المستوى من الاصرار على التصدي للغاصب المحتل ، ويتجذر ذلك في نفوس ابناء هذا الشعب المقاوم في الداخل الفلسطيني ، فمهما بلغ طغيان الصهاينة وإجرامهم فإن الشعب الفلسطيني لن يفرط في حقوقه ولن يتخلى عن ذرة من تراب أرضه ومقدساته، ولن يتاجر بدماء شهدائه ، وإن هذا الطغيان سيتحطم أمام ملاحم الـصمود التي يسطرها هذا الشعب العظيم .
والله ولي المؤمنين