تعلمنا في التاريخ عن الخنساء الشاعرة المخضرمة التي لم تدخر جهداً في تقديم أبنائها للتضحية والفداء في سبيل قضية آمنت بها وكرست كل ما عهدته من خبرات وعلوم وأدب لهذه القضية.
وعندما بلغها نبأ استشهاد أبنائها الأربعة قالت: الحمدلله الذي شرفني بقتلهم، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته".
وفي أيامنا هذه نرى خنساوات غزة يقمن بما يعجز عنه رجال العالم ؛ من تقبلهن لاستشهاد أبنائهن وتوديع أولادهن للشهادة أو الأسر بدمع يمتزج فيه الفخر بالحزن الطفيف المصاحب لفطرة المرأة.
نساء غزة رفعن رأس أمة نامت عن نصرة اخوتهم والمرأة في غزة منذ ولادتها أبنة وأخت وأم تحمل قلبا حنونا على وطنها أكثر من أبنائها، فهي تهز المهد بيد وتنسج كفناً بيد.
يا خنساء غزة، استمري واصبري و صابري واعلمي أننا نحتاج دعائك فنحن أهون من أن نعبر حدود مصطنعة حتى لنقبّل الأرض التي تحت رجليك، فهنالك الجنة الحقيقة التي كانت مقصودة بقول "الجنة تحت أقدام الأمهات".
إن أقرب موقف تاريخيّ يشبه ما فعلنه خنساوات غزة هو ما فعلته ذات النطاقين أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما لولدها عبدالله بن الزبير حين رأته مصلوبا على الكعبة، واكتفت بالقول: "أما آن لهذا الفارس أن يترجل".
الألم كبير ونحن هاهنا نتجرع مرارة الألم والعجز عن القدرة على تخفيف المصاب، فإن ضمائرنا وقلوبنا تتألم لما نراه من تقتيل واجتثاث لوجود أخوتنا على أرضهم وقصف المساجد والكنائس والمشافي والمدارس والبيوت، وعدم وجود شفاعة لا بطفل ولا امرأة ولا كبار سن.
آن لنا أن نتعلم من الغزيات الصابرات معنى الوطن وفداء الوطن وكيفية إعداد جيل وطني يجعل القادم أجمل حقيقة ورأي العين.
مصاب الأمة جلل ويجب أن نقف مع أهلنا وقفة تتجاوز اللغة الدبلوماسية وإحقاق العدل على الأرض وإيقاف المجازر وإعادة أصحاب الشرعية لوطنهم بعز منتصرين دون استجداء من أحد.
أمينة شؤون المرأة في الحزب الديمقراطي الاجتماعي